ظلت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، تشهد طفرة عمـرانيــة منقطعـة النظيـر، قوامـها مجمعات سكنيـة حـديثة وبنـايات عصـرية تتمـيز بتنوع أشكالها وتفرد معمارها. أمـا واجهاتها الأمامية -المطلة على الشوارع الرئيسة- فتُعد بمنزلة "كربون مشع" يؤرّخ لمحطات زمنية مهمة من تاريخ هذا البلد.
في عام 2005 سافر حسين الموسوي -مصور هذه اليوميات- إلى أستراليا لمتابعة دراسته في مجال التصميم. وهناك، لفتت انتباهه اللوحات الإرشادية في شوارع مدينة "ملبورن"، بأحجامها ورسومها الغريبة إلى حد ما. يقول: "في تلك المدينة بدأت مسيرتي التأملية في محيط عيشي، فغدوتُ ألقي بالاً للأشياء بكل تفاصيلها المنسية التي قد يغفل عنها كثير من الناس". ولدى عودة هذا المصور إلى الإمارات، رأى مبانٍ كثيرة كانت قيد الإنشاء قبل سفره، وقد انتصبت شامخة.. في غفلة من زمنه. يقول الرجل مستذكراً تلك الفترة: "تملّكني إحساس بأنّي فوّتُ فرصةَ مواكبة المسيرة العمرانية لبلدي، فعزمت على بدء مشروع التوثيق الفوتوغرافي لواجهات المباني".
يُلقب الموسوي بأنه "رجل في مهمة"، إذ يوثّق البنايات القديمة والحديثة لرصد الطراز المعماري. يختـار الموسـوي مبنىً أثار انتباهه صدفة بفعل ما يتميـز به من هيأة وتفاصيل فريدة، فيحمل عدته قاصداً المكان في زيارة خاطفة ليلتقط الصور التي رسمها في مخيلته؛ فالمهم لديه أن يجد ضالته في عنصر "التناظر". يقول: "أحاول أن أُبرز مكنون تلك التصاميم وما تختزنه من عمق تراثي يعكس حضارة الإمارات وتاريخها". يواصل صاحبنا رحلته عبر الإمارات السبع بحثاً عن ما يشبع رغبته ويجسّد فكرته.
يوضح الموسوي بأن طريقته في تصوير الواجهات تتطلب مساحة عزل بين المكان والمصور؛ لذا فإن "الأماكن المزدحمة تُشكل عائقاً أمامي، كما أن ظروف الطقس والرطوبة العــاليـة -أحيانـاً- من أكثـر المصـاعب الـتي تواجهني"، عـلى حد تعبيره. وما زال مشروعه هذا في مراحله الأولى، إذ يستمر في البحث عن كل مادة قابلة للتوثيق؛ ولن ينتهي منه إلا بعد أن يشعر بالاكتفاء فيرضى عن النتائج تمام الرضا. ويأمل الموسوي أن يتوج جهوده في كتاب يؤرخ للطراز المعماري في الإمارات عبر أرشيف مصور.
ما نراه اليوم حولنا من مبانٍ مدهشة تجذب أنظارنا بأسلوب بنائها وتصميمها المذهل، حتماً سيشكل يوماً ما جزءاً من ذاكرتنا وتراثنا المعماري.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز