كيف يُفنَّد  اكتشافٌ.. أو يُعتمَد

رصدَ عالمٌ حدثًا سماويًا مذهلًا؛ ثم لم يرَه مرة أخرى.. على مرّ أعوام. فهل كان ذلك فتحًا علميًا أم مصادفة؟

كيف يُفنَّد  اكتشافٌ.. أو يُعتمَد

رصدَ عالمٌ حدثًا سماويًا مذهلًا؛ ثم لم يرَه مرة أخرى.. على مرّ أعوام. فهل كان ذلك فتحًا علميًا أم مصادفة؟

كيف يُفنَّد اكتشافٌ.. أو يُعتمَد

رصدَ عالمٌ حدثًا سماويًا مذهلًا؛ ثم لم يرَه مرة أخرى.. على مرّ أعوام. فهل كان ذلك فتحًا علميًا أم مصادفة؟

قلم: جو بالكا

1 أغسطس 2023 - تابع لعدد أغسطس 2023

إنْ شاهدَت عالمةٌ وحيدَ قرن، فقد ترغب في رؤية أكثر من واحد قبل أن تُخبر العالَم باكتشافها هذا. لكن في بعض الأحيان يكفي وحيد قرن واحد. في عام 2007، أفاد عالِم فلك يُدعى "دنكان لوريمر" أنه اكتشف نوعًا جديدًا مذهلًا من الأحداث السماوية. لقد كانت دفقة طاقة خاطفة وقوية جدا إلى درجة أنها وصلت إلى الأرض من مجرة تبعد مليارات السنين الضوئية. ووصف اكتشافه بأنه "تدفق راديوي سريع" (FRB)، لأنه دام أقل من ثانية ولم يكن اكتشافه سوى باستخدام تلسكوب راديوي.

كان اكتشافًا رائعًا. فإن تم إثباته، فيمكن استخدام التدفقات الراديوية السريعة لقياس كمية المادة في الفضاء بين المجرات. وقد شبَّهتُ ذلك التدفق بعصا مقياس زيت المحرك خاصة بكثافة الكون —وهي عبارة أَحَبها رئيس التحرير، وثبَتَ أنها دقيقة أيضًا. لكن كانت المشكلة أن لوريمر رصد حدثًا وحيدًا فقط من هذه الأحداث الجديدة الرائعة. توقعَ أنه سيكون هناك مزيد منها؛ ولكن في عام 2007 اكتشف واحدًا فقط. ليس نادرًا أن يُفضي حدثٌ وحيد إلى استحداث مجال جديد كليًا من البحث العلمي. فقد أتاحت شظية عظم خنصر وُجدت لدى كهف في سيبيريا، لعلماء الأنثروبولوجيا استنتاجًا يفيد بوجود مجموعة كاملة من بشر عاشوا في زمن قريب من زمن وجود إنسان "نياندرتال".

ومع ذلك، يبقى ذلك الحدَث نادرًا. عندما نُشر بحث لوريمر في دورية "ساينس"، كنتُ مراسلًا عِلميًا لدى إذاعة (NPR). وصحيحٌ أنني قدمت فقرة في برنامج مسائي عن اكتشاف لوريمر، إلا أن الشك كان يساورني بشأن صحته؛ وقد أظهرتُ ذلك في هذه الجملة: "في بعض الأحيان، ما يبدو أنه اكتشاف علمي رائع، يَتبين أنه مجرد خطأ في البيانات". فهل كانت تدفقات لوريمر المزعومة تلك خللًا فنيًا لا غير، كما وصفها بعضهم بسخرية؟

اكتسب ذلك التفسير الساخر زخمًا من خلال بحث ألّفَتهُ طالبةُ دراسات عليا شابة تُدعى "سارة بيرك سبولور". إذ كلفها المشرف على أطروحتها بمَهمة العثور على مزيد من تلك التدفقات. وباستخدام الملاحظات التي استقاها التلسكوب الراديوي لدى "مرصد باركيس" في أستراليا، وهو التلسكوب نفسه الذي استخدمه لوريمر لاكتشاف ذلك التدفق الراديوي السريع، وجدَت مزيدًا من التدفقات التي تشبه الـ (FRBs). ولكن، استنادًا إلى الشكل الذي ظهرت به التدفقات في بيانات التلسكوب، تأكدت سبولور على نحو شبه تام أن ما كانت تراه هو نوع من التداخل الراديوي الأرضي. كان سبب هذه الأحداث لغزًا في ذلك الوقت؛ إلا أنها أطلقت عليها اسم "البيروتونات" (Perytons). (راجع "تعريف البيريتون" في الصفحة 16). مع مرور الأعوام وعدم اكتشاف مزيد من التدفقات الراديوية السريعة، بدأ بعض علماء الفلك يستنتجون أن لوريمر لم يرصد سوى بيريتونًا فريدًا. ومع ذلك، كانت هناك دلائل تبعث على الأمل بأن الـ (FRBs) حقيقية. ففي عام 2011، أُبْـلِـغ عن مشاهدة ثانٍية، ولكن المشككين سارعوا إلى القول إن هذا التدفق الراديوي رُصد بواسطة تلسكوب باركيس نفسه الذي رصد تدفق لوريمر والبيريتونات. وفي عام 2013، تم رصد أربعة أخرى، ومرة أخرى بواسطة باركيس.

وأخيرًا، في عام 2014، شُوهد تدفق راديوي سريع بواسطة تلسكوب راديوي آخر، لدى "مرصد أريسيبو" في بورتوريكو. ثم تلت ذلك مشاهدات عديدة من تلسكوبات أخرى على نحو منتظم إلى حد ما. وفي نهاية المطاف، تحول الحديث بشأن تلك الدفقات من: هل هي حقيقية؟ إلى: من أين تأتي؟ وتعليقًا على ذلك، يقول عالم الفلك "شامي تشاترجي"، من "جامعة كورنيل": "كانت النجوم المغناطيسية هي المصدر المشتبه به الأول منذ البداية. فهي نجوم نيوترونية ذات مجالات مغناطيسية شديدة الكثافة". ويعتقد الفلكيون أنها ما يتبقى بعد أن يتحول نجم ضخم إلى مستعر أعظم؛ وهي ضخمة بما يكفي لإنتاج هذا النوع من الطاقات التي تظهر في التدفقات الراديوية السريعة، ومن المعروف أنها تبث نبضات من الأشعة السينية وأشعة غاما. وتعززَت فرضية النجوم المغناطيسية بوصفها مصدرًا لتلك التدفقات الراديوية في عام 2020، حين اكتشف علماء الفلك أحد التدفقات في مجرتنا، درب التبانة. ونظرًا لأنه كان قريبًا، من الناحية الكونية، تمكن الفلكيون من تحديد مصدره بدقة: نجم مغناطيسي اكتُشِف سلفًا.

لكن ذلك لم يُنهِ النقاش بشأن أصول التدفقات الراديوية السريعة. فذلك المكتشَف في درب التبانة لم يكن قويًا بما يكفي لرؤية ما إذا كان قد حدث في مجرة بعيدة. لذلك، إمّا أن الأمر تعلق بأحد التدفقات الصغيرة، أو أن هناك بعض الأجسام السماوية الأخرى -غير النجوم المغناطيسية— القادرة على توليدها. يقول تشاترجي: "نحن لا نفهم بالضرورة الآليات المتحكمة في كيفية قيام هذا النجم المغناطيسي لدى مجرتنا بإحداث هذا الاندفاع الراديوي، على النحو الذي نودّ. لكننا بالتأكيد نفهم أن هذا نوعًا واحدًا من انبعاثات الـ"FRBs".

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab

استكشاف

لعب الكبار.. ضــرورة

لعب الكبار.. ضــرورة

يميل الكبار إلى تجاهل اللعب بوصفه أمرًا سخيفًا أو طفوليًا، لكن المرح قد يكون أمرًا أساسيًا لبقاء نوعنا البشري.

مقابلة مع عالِم ونجم لموسيقى الروك

استكشاف فكرة نيرة

مقابلة مع عالِم ونجم لموسيقى الروك

يمزج "بريان ماي" -أحد مؤسِّسي فرقة "كوين" ومستشار وكالة "ناسا"- بين الفيزياء الفلكية وموسيقى الروك لخلق تناغم كوني.

جاذبية العزلة والمنعزلين

استكشاف فكرة نيرة

جاذبية العزلة والمنعزلين

يعيش سكان جزيرة سينتينل الشمالية على الصيد وجمع الثمار.. وصد الغرباء. ورغم ذلك، فإن العالم يرفض أن يتركهم وشأنهم.