لقد شهدت مدينة نيويورك أزمات من قبل، لكن محاربة جائحة "كوفيد19-" كادت تصيبها بالجمود.
ستيفن ويلكس مصور ومتحدث في محاضرات (TED) ومبدعُ فنون جميلة. لكنه قبل ذلك كله.. من أهل نيويورك. وُلد ويلكس في هذه المدينة، وسارَ جل حياته في أزقتها وشوارعها. وقد قذَفت هذه الهوية ألمًا إضافيا في قلب الرجل خلال الربيع الماضي، لمّا اكتسبت نيويورك تَميزًا لا تُحسد عليه بوصفها نقطة ساخنة في العالم وبؤرةً لجائحة "كوفيد19-" في الولايات المتحدة. فأخيرًا.. نامت "المدينة التي لا تنام"، عدة أسابيع ثم أشهر.
مع إغلاق المدينة أواخر شهر مارس، طلب ويلكس تصريحًا للتحليق فوق عَصَب الحياة المحمي والشهير للتجارة والثقافة الأميركيتين. وافق المسؤولون، فاستقل ويلكس وصديقه القديم، الربان "آل تشيرولو"، مروحيةً وحلَّقا فوق الشوارع ومحطات مترو الأنفاق. هنالك أطلا من علٍ على مستشفى ميداني في "سنترال بارك"، وعلى أشخاص يستمتعون بحمامات شمس على الأسطح هنا وهناك، وآخرين من سكان الشقق يمشون رفقة كلابهم.
لكن السكونَ كان جل ما رأى الرجلان: لا شيء ولا أحد يتحرك. شوارع وأنفاق خاوية على عروشها، و"منتزه براينت" خال من رواده الذين يحجون إليه من وسط المدينة لتناول الغذاء، ومحيط مبنى "إمباير ستيت" فارغ من عمال المكاتب بحركتهم الدؤوبة. يقول ويلكس إن "نيويورك مثل نهر، تنضح دوما بالطاقة والحركة. ولا يستقيم في العقل أن ترى نيويورك فارغة". ستعود المدينة إلى سابق عهدها كما فعلت من قبل. ويأمل ويلكس، حين يحدث ذلك، أن تكون نابضة بالحياة كأي وقت مضى. يقول إن الناس قد يُفجرون طاقاتهم المكبوتة. لكن ستعلو المدينةَ مسحةُ حزن أيضًا، تمامًا كما حدث غداة 11 سبتمبر 2001.
بينما كان ويلكس يُحلّق فوق "ميدان التايمز" -الذي يستقبل سنويا أزيد من 50 ميلون زائر وإحدى أكبر حفلات رأس السنة في العالم- لمحَ شاشةً تَعرض رسالة صار العالم أجمع يتبنَّاها اليوم: "كل الشكر للذين يكافحون من أجل حياتنا".