:عدسة آر جاي كيرن
1 نوفمبر 2017
يمكن تشبيه معارض الماشية المنظمة سنويا في مقاطعات مينيسوتا، بمسابقات جمال للحيوانات (مزاينة). ذلك أن أسلوبنا الانتقائي في تهجين الماعز والأغنام وتربيتها، قد حدد مسار تطور أشكالها وأصنافها.
عندما انتقلت إلى العيش في مينيسوتا قادما إليها من مدينة دينفر، رغِبت في تِبيان ما أسفر عنه ذلك المسار من تنافس على مستوى سلالات الماشية. ما زلت أذكر فيلماً سينمائياً بعنوان (ليالي تالاديجا) "Talladega Nights"، وتدور أحداثه حول سباق للسيارات يخوضه بطل الفيلم؛ إذ يحضّه والده على الفوز، قائلاً: "إذا لم تكن الأول فأنت الأخير". هذه العقلية التي تسود معارض الماشية تلك، حيث لا يمنح المنظمون الألقاب سوى للحيوانات الخارقة؛ ولكن جلها لا يفوز. أعتقد أننا جميعا نعرف ذلك الشعور الذي ينتاب المرءَ عندما يخفق في مسابقة ما، من الفشل في الانضمام إلى فريق كرة القدم بالمدرسة، إلى الاستبعاد من وظيفة جديدة. فما هو ذلك الشعور تحديداً؟
رحت أجول في تلك المعارض، أشاهد الحكام وهم يَصُفُّون الماشية ويصنّفونها؛ وأذهب للتحدث إلى من عرضوا حيواناتهم لكنها استُبْعِدت من المنافسة. كانوا جميعاً من الأطفال واليافعين، وقد طلبت إلى بعضهم التقاط صورٍ لهم ولحيواناتهم بأسلوب فني. أضفت خلفية الإستوديو مسحة رسمية على الصورة، لكن روث البهائم والقش على الأرض منحاها طابعا ريفيا. طلبت إليهم تخيلَ أنفسهم وقد صاروا أبطال الموسم المقبل، فما لبثت ثقتهم بأنفسهم أن ازدادت بصورة ملحوظة.
لم تدم خيبة أملهم طويلا. ولدعم ذلك الشعور، رغبت بتصويرهم مع حيواناتهم تلك (أو على الأقل التي لم تُبَع خلال المعرض) في مراعيها الأصلية حول المنازل. بدا الأمر شبيها بمقابلة طالب مضى على تخرّجه في الجامعة شهران فحسب؛ ذلك أن كثيراً منهم نبذوا الماضي وراء ظهورهم، متطلعين إلى المستقبل.
ولكن المجتمعات الريفية الصغيرة تشهد تغيّرات متواصلة بولاية مينيسوتا؛ ولم تعد تلك المعارض المحلية بالضرورة تشد أنظار الأطفال خلال فصل الصيف كما كانت من قبل. ونأمل أن تستمر هذه الفعاليات مئة عام أخرى، وأن يستقي الشباب الدروس والعبر من تربية الماشية والمشاركة بها في المسابقات. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه؛ فقد بات من الواضح أن أسلوب العيش هذا يضمحل رويداً رويدا، إذ يدير الأطفال ظهورهم للمزارع. ويعني ذلك ما يعنيه بالنسبة إلى مسألة الاستدامة وتولي شؤون الأرض.. وهذا شأن يعنينا جميعاً.