1 مايو 2016
في يوم 7 أغسطس من عام 2015، عثر أحد حراس "منتزه يلوستون الوطني" على جثة رجل ممزقة إرباً على مقربة من مسلك مشاة غير بعيد عن أحد أكبر فنادق المنتزه.
سرعان ما حُددت هوية الهالك: اسمه "لانس كروسبي" من مدينة بيلينغس بولاية مونتانا، وعمره قيد حياته 63 سنة. كان يعمل ممرضا موسميا في عيادة طبية بالمنتزه، وأعلن زملاؤه اختفاءه صباح ذلك اليوم.
كشفت التحقيقات أن كروسبي كان يمشي وحيدا في اليوم السابق، ولم يحمل معه بخاخا مضادا للدببة؛ فوجد نفسه وجها لوجه مع دبة شيباء رفقة جرويها. لمَّا فتكت به الدبة وأكلت جزءا من جثته (أو أكلتْ منه وهو حي) وأطعمت صغيريها، طمرت بقايا الجثة في الأرض وغطتها بأوراق شجر الصنوبر، تماماً كما تفعل الدببة الشيباء عادةً حين تخزن قطعة لحم للعودة إليها. لما وقعت الدبة في الشَرَك وثبتَ بقرينة الحمض النووي أنها قاتلة كورسبي، أُعطيَتْ عقاراً مهدئا ومخدراً ثم أُعدمت، استناداً إلى قناعة مفادها أن الدب الأشيب البالغ إذا تذوق لحم بشر وخبأ جثته، يصبح خطيراً جداً ولا يجب أن يظل على قيد الحياة.. وإن لم يكن الحادث المأساوي خطأه. "لقد تلقينا نبأ الفاجعة ببالغ الأسى، وقلوبنا مع ذوي الضحية وأصدقائه".. هكذا قال المشرف العام على المنتزه "دان وينك"، وهو رجل رصين يحمل على كاهله مهمة جليلة، تتجلى في الحفاظ على سلامة الناس والطبيعة في يلوستون.
من الواضح أن الدببة الشيباء يمكن أن تكون خطرة، لكن ينبغي لنا أن ننظر إلى هذه الخطورة في نصابها الطبيعي؛ ذلك أن مقتل لانس كروسبي ليس سوى سابع حالة تسببت بها الدببة في المنتزه خلال السنوات المئة الأخيرة. وفي غضون 144 سنة التي أعقبت فتح يلوستون، مات عدد أكبر من الناس غرقا أو احتراقا بمياه الينابيع الحارة أو انتحارا، مقارنة بمن فتكت بهم الدببة.
ومات أكثر من تلك الأعداد مجتمعة تقريبا أشخاص بسبب صعقات البرق، فيما توفي شخصان بسبب ثيران البيسون.
أما العبرة الحقيقية المستخلصة من وفاة لانس كروسبي ومن قتل الدبة التي فتكت به، فهي التذكير بأمرٍ عادةً ما يُنسى بسهولة؛ وهو أن منتزه يلوستون الوطني نطاق بري حُصِرَ حصراً غير مُحْكم داخل حدود فرضها البشر. إنه يحفل بعجائب طبيعية تعد متعة للعين، من حيوانات مفترسة وأودية سحيقة وشلالات صاخبة وينابيع حارة، لكنها تنطوي على الخطر إن دنا منها المرء أو دخل في مواجهة مباشرة معها.