25 فبراير 2014
بقلم: ديفيد كوامن
عدسة: إريكا لارسن
في سبتمبر من عام 1874، لاقت إمبراطورية فرسان "كومانشي" نهايةً وخيمةً محزنة. وقد أنذر هذا الحدث بتغييرات كبيرة على "السهول الكبرى" (منطقة سهلية مرتفعة تمتد على مساحة واسعة من الولايات المتحدة وبعض أجزاء كندا والمكسيك)، إذ إن الكومانشي كانوا آنذاك من أوائل القبائل الأميركية الأصلية التي اتّخذت الخيل -بعد وصول هذه الحيوانات مع الفاتحين الإسبان- ونجحت نجاحا كبيرا في استخدامها.
فقد غدوا مَهَرة في القتال على صهوات الخيل، بل كانوا خبراء وشرسين ومتجبّرين، إذ أرهبوا قبائل الهنود الأصليين التي كانت تعيش في جوارهم، وشنّوا هجمات ثائرة ساخطة ضد البِيض (المستعمرون ذوو الأصول الأوروبية) لصدّهم عن الاستيطان والصيد الجائر لثيران البيسون، حتى صاروا مصدر إرباك وتشويش للجيش الأميركي الناشئ. ثم جاء اليوم المشؤوم في 28 سبتمبر من عام 1874، إذ حُوصر أكبر عدد من مقاتلي كومانشي (مع بعض حلفائهم من شعبَي "كاياوا" و "شايان") وسط خِيَمهم مع عوائلهم من نساء وأطفال في معسكرٍ مؤقت غير محميّ عند مكانٍ يدعى وادي "بالو دورو".
وقد نفّذ الهجوم سلاح الفرسان الرابع بقيادة الكولونيل رونالد سلايدل ماك ِكينزي الذي كان قد انطلق من مقره لدى حصن "فورت كونتشو" في تكساس الغربية. ولمّا فرغ جنود ماك ِكينزي من مباغتة الكومانشي وحلفائهم وطردهم من المعسكر، عمدوا إلى حرق خيمهم وإتلاف مؤونتهم من الطعام والأفرشة، ثم تجمّعوا من جديد عند حافّة الوادي ومعهم غنائم من خيل يزيد عددها على ألف رأسٍ، بعدما تركها الهنود الأصليون وفروّا من المكان على الأقدام. ثم عاد ماك ِكينزي بجنوده إلى معسكرهم الذي كان يبعد عن الموقع مسافة 32 كيلومتراً، وهناك في صباح اليوم التالي أمر بقتل الخيول رمياً بالرصاص، مستثنياً بضع مئات منها كي تُسخّر فيما بعد للعمل.
ووفقاً لكتاب المؤلّف إس. سي. غْوِين عن الكومانشي، والذي يحمل عنوان (Empire of the Summer Moon)، فإن المُشاة في تلك الموقعة "ربطوا الخيول المذعورة بالحبال واقتادوها إلى مكان إطلاق الرصاص حيث أرداها الجنود. أما النتيجة فكانت كومة هائلة من جثث الخيل"، بلغت 1048 فرساً وفقاً للسجلاّت. وهناك تعفّنت الجثث وابيضّت عظامها تحت الشمس سنوات طويلة، فكانت بوصف الكاتب نفسه: "تذكاراً كريهاً مثّل نهاية عهد هيمنة القبائل الخيّالة على السهول الكبرى". بعدها سار بعض ما تبقّى من الكومانشي بقيادة المقاتل العظيم، الزعيم كواناه باركر، شرقاً مسافة 320 كيلومتراً إلى حصن "فورت سِل" في ما كان يدعوه البِيض آنذاك "أرض الهنود"، ثم استسلموا للمستعمرين.
التتمة في النسخة الورقية