:عدسة إيكو كوست
6 June 2018
تستقبل بحار العالم نحو 8 ملايين طن نفايات بلاستيكية كل عام، تعمل دوامات محيطية عملاقة على دفعها إلى أعالي المحيطات، كما هو حال "دوامة نفايات شمال المحيط الهادي" التي جمعت "جزراً" من النفايات تناهز مساحاتها المليون كيلومتر مربع.
تبـدو فكرة التخلص من هذا التلوث البلاستيكي شبه مستحيلة. لكن منظمة هولندية غير ربحية تدعى (The Ocean Cleanup) قررت التصدي لهذه المشكلة المتفاقمة، وتفتقت أدمغة أصحابها عن واحد من أكثر مشروعات تنظيف البحار طموحاً حتى يومنا هذا؛ تثبيت سياجات عائمة مكونة من شاشات ومراسٍ مهمتها جمع كل ما هو بلاستيكي من زجاجات وأكياس وشبكات صيد وغيرها مما يمخر عباب محيطاتنا، وإعادتها إلى الشاطئ لتدويرها.
لكن تصنيع سياجات كهذه ليس بالأمر الهين ويتطلب تقنيات هندسية وصناعية متقدمة؛ ما حدا بالمنظمة الهولندية إلى الاستعانة بشركة إماراتية متخصصة في تصميم وإنتاج الحواجز البحرية تدعى "إيكو كوست" (Ecocoast)، وأوكلت إليها مهمة تصنيع الشاشات الخاصة بالسياج البحري، الذي سيتألف من أنبوب كبير قطره 1.2 متر مصنوع من مادة "بوليثين" مهمته إبقاء السياج طافياً فوق سطح البحر. ويرتبط الأنبوب بمنظومة أسلاك إذ يشكل حرف (V) كبيراً سيسبح في فضاء المحيط؛ ما يتيح للنفايات التي تحملها التيارات البحرية التجمع في وسطه بكل يسر وسهولة.
يُشرف "لوكلاند جاكسون" مدير عام شركة "إيكو كوست" شخصياً على كل شاردة وواردة تتعلق بتصنيع الشاشات من مكتبه الواقع في الطابق الخامس من إحدى البنايات الإدارية في مدينة دبي. صافحني بقبضة يده القوية وبادرني قائلاً: "إنه المشروع الأكثر تحدياً الذي عملنا عليه حتى الآن. فعملية التصنيع شديدة التعقيد وغارقة في التفاصيل، والمطلوب منا تصنيع شاشة تعمل عملَ مرشِّح يجمع شظايا وقطع البلاستيك عندما تمر المياه من خلالها. لقد طورنا تقنيات خاصة جداً لهذا المشروع".
استفاض جاكسون في شرح ديناميكيات الشاشات الخاصة التي يعكف على إنتاجها مصنعه القائم في إمارة أم القيوين؛ إذ سيبلغ طول شاشات السياج الواحد -في شكله النهائي- زهاء 550 متراً. وستتدلى هذه الشاشات بعمق ثلاثة أمتار تحت سطح الماء لجمع أكبر قدر من البلاستيك، فيما ستكون أجزاءها السفلى مرتبطة بمراسي ثقيلة وزنها 24 طناً تُبقيها في وضع عمودي تحت الماء. ولدى اكتمال تجميع الأجزاء المختلفة، سيبلغ إجمالي وزن السياج الواحد زهاء 200 طن.
سألت جاكسون عن أبرز التحديات التي يواجهها في سبيل تصنيع شاشاته العملاقة، فأجاب من دون تردد: "القوة والمرونة. ذلك أن على الستارة أن تمتلك قدرة التعامل مع أمواج محيطية تتجاوز العشرة أمتار علواً، والصمود في وجه الإجهاد المستمر لحركتي المد والجزر في المحيط المفتوح، وأن تقوم بمهمتها على أكمل وجه خلال عمرها الافتراضي الذي يُقدر بما يزيد على العام". يضاف إلى كل ذلك، حسب جاكسون، صعوبة التحكم في الشاشات خلال عملية التصنيع نظراً لوزنها الثقيل البالغ خمسة أطنان وضخامة حجمها، إذ يتطلب الأمر معدات خاصة لتحريكها خصوصاً خلال عملية تركيب طبقاتها السميكة الثمان بعضها فوق بعض.