:عدسة عدسة: كوري ريتشاردز
24 July 2014
بقلم: ديفيد كوامن
عدسة: كوري ريتشاردز
ويتفاخر بابتهاج أمام تجمّعنا المسائي قائلاً: "زملائي الأعزّاء"، اليوم أنجز فريقنا خمسة اكتشافات رائعة تشمل نوعين من الحجر البازلتي! وبعض الطبقات الرسوبية من حُقَب الحياة الوسطى! إضافةً إلى دليلٍ على انحسار جليدي حدث مؤخراً!
وصاحبنا رومانينكو هذا عالمٌ متخصّص بعلم تشكّل الأرض (Geomorphology) مقيمٌ لدى جامعة موسكو الحكومية، ومع أنه قد قضى 28 موسماً على شواطئ المحيط المتجمّد الشمالي وجزره إلاّ أن اندفاعه للعمل مازال مفعماً بالحماس الطفولي. وإذ يقطع رومانينكو هذه الأراضي الشمالية الصعبة بجهدٍ وتثاقل، فإنه ينشر بين زملائه المرح والشغف بإنجاز الدراسات العلمية الميدانية: كمعاينة الأشياء من كثب، وملاحظة النماذج المتكرّرة في الطبيعة، وجمع البيانات التي قد تساعد على كشف ألغاز عديدة من بينها مسألة حالة الجليد.
لقد جئنا إلى الشمال برفقة رومانينكو، متوغلين في الأقاصي القطبية الروسية إلى أرخبيل يعرف باسم "فرانز جوزيف لاند" (Franz Josef Land). وصحيحٌ أن دراسة حالة الجليد ليست الغاية الأساسية من وجودنا هنا، إلاّ أنها تشكّل الأساس لكثير من الأشياء التي نسعى لمعرفتها؛ في الواقع إنها ثلاث مسائل: لماذا يذوب الجليد الدائم؟ وإلى أي مدى سيستمر الذوبان؟ وما الآثار البيئية المترتّبة على ذلك؟ وعندما تُوفَد بعثةً علمية أحيائية إلى أقاصي المناطق القطبية، الشمالية أو الجنوبية، وفي عصر التغيّر المناخي هذا بالذات، فإن مسألة حالة الجليد تكون دائماً ذات أهميّة، سواءٌ أدرسها الباحثون بطريقة مباشرة أم غير ذلك.
أما نحن فندرسها بطريقة غير مباشرة. فقد انطلقنا شمالاً من مدينة مورمانسك الروسية عبر بحر بارنتس، ونحن فريق من نحو 40 عضواً ضمن "بعثة بريستين سيز" (Pristine Seas Expedition)
لعام 2013، إلى أرخبيل فرانز جوزيف لاند القصيّ، كي ندرسه من زوايا شتّى: زاوية علم النبات وزاوية علم الأحياء الدقيقة وزاوية علم الأسماك وزاوية علم الطيور، وغيرها. ويتألّف أرخبيل فرانز جوزيف لاند من 192 جزيرة، معظمها قد تشكّل من طبقات رسوبية يعود تاريخها إلى حُقَب الحياة الوسطى يغطّيها غطاء من البازلت العمودي، وهي شديدة التسطّح من الأعلى إلى درجة أنها لو شُوهدت بلا جليد (كما يحدث على نحو متزايد مؤخراً)، لرأيناها كالهضاب أو التلال المسطّحة ذات السفوح العمودية والتي تكثُر في ولاية أريزونا الأميركية. ولم تكن هذه الجزر على مرّ العصور تضم أي مساكن دائمة للبشر، إلى أن أقام السوفييت على بعضها محطّات للبحث وقواعد عسكرية. وقد تضاءل ذلك الحضور ليغدو حفنة قليلة من البشر خلال تسعينيات القرن الماضي، إلا أن تزايد ظاهرة ذوبان الجليد وظهور طرق بحرية جديدة وبعض الاعتبارات الاقتصادية قد أثارت جميعاً اهتمام موسكو بالمنطقة من جديد.
التتمة في النسخة الورقية