23 مارس 2014
بقلم: أماندا فيغل
عدسة: شارل فريجيه
قد يصعب على المرء أن ينزل من سيارة أوروبية صغيرة، بل يصبح ذلك أقرب إلى المستحيل على من يرتدي قبعة أو قلنسوة ارتفاعها 33 سنتيمترا. غير أن أليكسيا كاودال (87 عاماً) و ماري لويز لوبيري (90 عاماً) استطاعتا فعل ذلك بكل وقار وهيبة، وشيءٍ من التألق والتأنّق أيضا، وهما تنزلان من المقعد الخلفي لسيارة من نوع "سيتروين" فضية اللون تمتلكها صديقة لهما؛ فيما سارعت مضيّفتهما إلى الترحيب بهما مُطلقةً ابتسامة تحوي من التقدير قدرا قد يخال معه المرء أنهما سليلتا عائلة ملكية.
صحيحٌ أنهما ليستا بالأميرتين (فقد أمضيَتا عقودا من الكدّ والكَدْح في مصانع تعليب السمك)، لكنهما تحظيان بنصيب وافر من الشهرة في هذا الجزء الصغير من شمال غربي فرنسا المعروف باسم "بلاد بيغودين" في إقليم "فينيستير" الواقع في الطرف الغربي من بريتاني. ذلك بأنهما المرأتان الوحيدتان المعروفتان بارتدائهما المنتظم عَمْرات (قَلَنسوات وأربطة شعر) شامخة، كانت تشكل فيما مضى جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في المنطقة.
وقد تقوَّس جِسماهما بفعل الزمن، بيد أن ذلك الرباط المتصلب ينتصب شامخا فوق الشعر الأبيض المتموج لكلٍّ منهما، مثل منارة هادية ينطق لسان حالها قائلا: هاهنا إحدى نساء بيغودين.
ثمة العديد من هذه العَمْرات البريتانية التي تتنوع حسب القرى والمناسبات والفترات الزمنية، وقد تطورت عبر التاريخ من مجرد أزياء بسيطة تعتمرها نسوة القرى تعبيراً عن الحياء والاحتشام، واتّقاءَ الظروف المناخية، إلى أشكال وأحجام رائعة إلى حدّ الغرابة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين؛ حتى إنها ألهمت قريحة فنانين مثل الرسام الفرنسي بول غوغان (1848-1903). ففي تلك الحقبة كانت العَمرة "مثل بطاقة تعريف تكشف عن هويتك، وعن منطقتك، وعمّا إذا كنت في حِداد" كما تقول سولين بوينيك، مساعدة قيّم متحف بيغودين في قرية بون-لابي.
غير أنه ومع حلول خمسينيات القرن العشرين، تخلّى جل الشابّات عن ذلك الأسلوب القديم؛ ولم يعد مستمراً اليوم سوى في الطقوس البريتانية وعند مجموعات تسمى النوادي الاجتماعية السِّلتية حيث تُجري شابات (مثل تلك التي في الصور) تدريبات على مدار السنة ليتنافسن في إظهار الزي التقليدي البريتاني كاملاً خلال مهرجانات الرقص الصيفية. كما يشاركن أحيانا في حفلات الزفاف وفي حج يدعونه "الصفح" (Pardon) خلال موسم قديس محلي.
التتمة في النسخة الورقية