متحف المستقبل: جمال المبنى والمعنى
لربما يرى كثيرون أن وصف "أجمل مبنى في العالم" يعود للعناصر الجمالية لعمارة متحف المستقبل؛ أما أنا فأستحضر ما قيل في افتتاح المتحف.
من أثمن ما يمكن للإنسان أن يمتلك، جمال الروح؛ وهو من أكثر أنواع الجمال جاذبية وأصالة. كثيرون هم الذين يسعون جاهدين لتحقيق جمال المظهر، وكثيرون أيضًا أولئك الذين يروّجون لجمال عقولهم. لا ضير في هذين النوعين من الجمال إن كانا مكملين لجمال الروح، وليس العكس. لكن ما سر انجذابنا لجمال الروح؟ أعتقد أنه يكمن في صعوبة تزييف هذا النوع من الجمال، الذي يُبرز بصدق ما في بواطن الشخص.
لطالما ارتبطت عبارة "جمال الروح" بالبشر، ولا أَذكر لها استخدامًا في وصف شيء أو مكان. لكني أعتقد أن بعض النماذج المعمارية تستحق ذلك الوصف؛ لأنها أشبه بكائن حي وأكثر من مجرد بناء. ويتصف البناء بجمال الروح عندما يُصمَّم بعناصر تتماهى مع الفطرة البشرية -وبخاصة في الداخل- وتتلاءم مع الحاجات العملية والنفسية لقاطنيه أو رواده.
انتابني شعور بجمال روح "متحف المستقبل" في دبي، بعد زيارة بعض أجزاء هذا الصرح تحضيرًا لموضوع غلاف عددكم هذا. لن أتحدث هنا عن محتويات المتحف، والتي تستشرف المستقبل بأسلوب يجمع بين الرقي والسلاسة والترفيه؛ بل أخُص بالذكر ما هو أعمق: مرافق صُممت لضمان تجربة شائقة رائقة للزوار، وفق أعلى معايير الاستدامة التشغيلية.
لربما يرى كثيرون أن وصف "أجمل مبنى في العالم" يعود للعناصر الجمالية لعمارة المتحف؛ أما أنا فأستحضر ما قيل في افتتاح المتحف من أن ثمة سبعة أوجه تشابه بين "متحف المستقبل" وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ترتقي بهذا الجمال إلى ما هو أسمى من المظهر الخارجي. اتّشح المتحف معماريًا بكلمات سموه التي تعبر عن رؤيته إلى المستقبل؛ إلا أن روح المتحف تعدت ما تراه العين لتُعبّر عن فكر صاحب الكلمات في أدق التفاصيل العملية.
تطالعون في هذا العدد أيضًا باكورة أعمال المصور الفوتوغرافي الإماراتي "علي بن ثالث" التي توثق لحصان البحر حول العالم. ويُمثل هذا المصور نموذجًا مهنيًا يحتذى في العالم العربي، بشغفه وغوصه في أعماق المادة المصوَّرة بتريث وتمعن؛ وتلكم ميزة مهمة تؤهل المصور للانضمام إلى نادي كبار مصوري "ناشيونال جيوغرافيك".
كثيرون هم الذين يتباهون بمهارات الإخراج الفني لصورهم، لكن قلة قليلة فقط تستطيع التحدث باسترسال عن جوهر المادة المصوَّرة على نحو يُغني رصيدنا المعرفي.