عندما احتفلت مجلة "Life" الأميركية في أحد أعدادها الصادرة عام 1955 ببزوغ فجر "حيـاة الاستهـلاك والرمـي" -التي أسـهمت بها المنتجات البلاستيكية سهلة الاستخدام والطرح- لم تكن هذه الثقافة قد وصلت بعد إلى منطقتنا العربية، بل ويمكننا الحديث هنا عما يفوق...
عندما احتفلت مجلة "Life" الأميركية في أحد أعدادها الصادرة عام 1955 ببزوغ فجر "حيـاة الاستهـلاك والرمـي" -التي أسـهمت بها المنتجات البلاستيكية سهلة الاستخدام والطرح- لم تكن هذه الثقافة قد وصلت بعد إلى منطقتنا العربية، بل ويمكننا الحديث هنا عما يفوق العقدين من الزمن حتى وصلت المنتجات البلاستيكية إلى بيوتنا. ورغم ذلك علينا جميعا في هذا الكوكب تحمل مسؤولية بزوغ ذلك الفجر من الاستسهال الذي يكاد أن يودي -بل أودى فعلا- بحياة مخلوقات أخرى على وجه البسيطة بسبب تداعياته البيئية. يقصد بكلمة تداعيات النتائج المترتبة على الفعل، والحقيقة أنها آخر ما يفكر به الإنسان على وجه العموم في جل تصرفاته، فالدوافع وراء أي فعل تكون محل أولوية وأهمية في مجمل تصرفاتنا البشرية، وكلما كانت الأفعال محققة للأهداف ومشبعة للغرائز بشكل جيد، لا يُلقى لتداعياتها بال، بل عادة ما يتم تجاهلها، وخصوصا إذا كان فيها ما يمنع أو يعيق اتخاذ قرار الفعل.يقدم عدد يونيو من "مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية" في تحقيقاته، نماذج من سلوك البشر والشركات والمؤسسات وكذلك الحكومات في تعاملها مع "البلاستيك" بوصفه مادة لا يمكن العيش من دونها؛ إذ يُطرح زهاء نصف منتجاته بمجرد استخدامها، عبر "قصة حب سامة" للأرض ومن عليها. وخلال ذلك، يعرض لنا العـدد إشكاليـة إنسانية في تداعيات "تصرفات البشر" عندما تكون أنانية لا تعبأ بالآخرين، والتي قد تحقق مصالح عامة يستفيد منها الجميع في حال كانت تصرفات واعية مدركة بصدق أن هناك ترابطا شديدا بين خياراتها -حتى لو كانت فردية- وفرص الآخرين وخياراتهم؛ بل وحتى في فرصهم المستقبلية للبقاء أساسا. فمنتهى كل تداعيات أفعالنا، مهما بدت بعيدة التأثير.. يعود إلينا.