عندما تكون منطلقاً بالسيارة في ربوع الصحـراء، فـإن "ديفيـد ستـرايـر" هو مثال الرجل الذي سترغب في أن يتولّى قيادة السيارة. فهو يتحاشى تماماً إجراء مكالمات هاتفية أو كتابة رسائل قصيرة على هاتفه النقال أثناء القيادة. بل إن من المثالية بمكان أنه لا يوافق إطلاقاً على الأكل في السيارة. وعالِم النفس المعرفيّ هذا العامل لدى "جامعة يوتاه" الأميركية، متخصّص في الانتباه. يَعلم ستراير أننا عندما نُنجز عدّة مهامّ في آن فإن أدمغتنا تميل إلى ارتكاب الأخطاء، نظرا لأنها تكون في حالة من مقاومة التشتت. وقد أظهرت دراسته -في ما أظهرت- أن استعمال هاتف نقال يُوهن أداء جل السائقين بقدر ما يفعله تناول المشروبات الكحولية. وتخصُّص ستراير النادر هذا يجعله ينفرد بالقدرة على فهم تأثير الحياة العصرية فينا؛ وبصفته يمارس بشغف هواية السفر على القدمين وهو يحمل حقيبة ظهر فقط، فهو يعتقد أنه يعرف الترياق لسموم هذه الحياة.. ألاّ وهي الطبيعة.
إنه اليوم الثالث من رحلة التخييم في أودية البراري الواقعة على مقربّة من التجمّع البشري الذي يحمل اسم "بلاف" في ولاية يوتاه؛ وها هو ستراير يخلط مكوّنات فطيرة "إنتشيلادا" مكسيكية بالدجاج في قِدْر حديدية ضخمة وهو يشرح للطلاّب الـ22 الدارسين لعلم النفس ما يدعوه "تأثير الأيام الثلاثة". إذ يقول إن أدمغتنا ليست آلات حاسبة لا تعرف الكلل؛ بل إنها معرّضة للإصابة بالإعياء بسهولة. لكننا عندما نتمهّل، وننتهي عمّا يشغلنا، ونغمر أنفسنا في أجواء الطبيعة الجميلة التي تحيط بنا، فإننا لا نشعر بأننا قد استعدنا عافيتنا ونشاطنا فحسب، بل نكون قد حسّنا أداءنا الذهني كذلك.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز