فئة جديدة من علماء الآثار تسعى لفك بعض أسرار الماضي عبر دراسة فنّ جسدي طاله التجاهل زمنًا طويلًا.
قبل أعوام، دخل رجل إلى مكتب "آرون ديتر وولف" لدى "إدارة الآثار لولاية تينيسي" في مدينة ناشفيل الأميركية، ليسلّمه قطعة من ناب ماستودون ضخم، طولها نصف متر. كان الرجل قد لمح هذه الأحفورة العتيقة ناتئة من ضفة نهر، فَجزّ الجزء الظاهر منها بمنشار؛ مما أفقَد النابَ قيمتَه العلمية. لذلك استخدمه ديتر وولف أداةً تعليمية في محاضراته بالمدارس الابتدائية.. إلى أن أسقطه أحد التلاميذ فانكسرت طبقاته الخارجية. كان يمكن لحادثة الكسر تلك أن تنهي فائدة الناب لدى كثير من علماء الآثار، لكن ليس لدى ديتر وولف. فقد استنقذ بضع شظايا منه، ثم حوّلها إلى إبَر للوشم، نَحَت كلًّا منها بالصوّان وصقلها على حجر رملي. لكن عندما حاول وشم أحد زملائه بإحداها، كانت النتيجة سيئة؛ إذ كانت الشقوق الدقيقة في الناب العاجي تَعلق بالجلد في كل مرة يسحب فيها طرف الإبرة. يقول ديتر وولف متذكرًا: "كان مشهدًا يُرثى له". يعمل ديتر وولف نهارًا في استطلاع المواقع الأثرية لتقييم مدى تأثرها بمشروعات البناء الجديدة، أما في ساعات فراغه، فإنه يتحول إلى أحد أبرز خبراء وشوم العصور القديمة، وهو مجال طاله التجاهل سابقًا لكنه بات اليوم يحظى باعتراف متزايد بوصفه نافذة أساسية لفهم ثقافات العالم. فبعد أن كان اهتمام الباحثين بهذا المجال نادرًا، أصبح اليوم جزءًا من تيار بحثي جديد يبرهن على أن ممارسة الوشم كانت أوسع انتشارًا مما ظنّ علماء الآثار؛ مما يساعد في الكشف عن معانٍ جديدة لفنٍّ تَعَرّض للطمس تاريخيًا. إنّ لازدراء دراسة الوشوم جذورًا استعمارية؛ إذ كان المبشّرون والمسؤولون الأوروبيون يرون أن الوشم ممارسة "همجية".
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز
هل يمكن استرجاع المعلومات التاريخية الحبيسة في الصفائح الجليدية القطبية قبل أن تذوب بالكامل؟