التّيلس يحيا  من جديد!

رسومات صخرية عتيقة في "الإقليم الشمالي" بأستراليا تُصور تيلسًا (ببرًا تسمانيًا) وإنسانًا يستخدم العقافة المرتدة (البمرنغ).

التّيلس يحيا  من جديد!

صورة التُقطت في عام 1903 تقريبًا تُظهِر حيوانَي تيلس في الأسر لدى حديقة حيوان بالعاصمة الأميركية، واشنطن.

التّيلس يحيا من جديد!

بعد مرور نحو قرن على فناء البَبر التسماني، أصبح رمزًا وطنيًا قيّمًا.. وهدفًا للعودة من الانقراض.

قلم: كينيدي وارين

1 July 2023 - تابع لعدد يوليو 2023

البَبـر التسماني حَيٌّ يُرزق. ليس حيًّا بالمعنى الحرفي للكلمة -فلم تثبت مشاهدة هذا المفترس الجِرابي الشهير في أستراليا منذ نحو 100 عام- ولكنه حي في الخيال والذاكرة والامتنان الثقافي، وفي الحسرة الجماعية على انقراضه.وحَيٌّ أيضًا في سعي ثلة من العلماء وأصحاب المشروعات الحرة إلى "إحياء" هذا النوع وإعادته إلى البرية.
أول شيء يمكن قوله عن الببر التسماني هو أنه لم يكن بَبْرًا ولم يعش فقط في تسمانيا. خلال زمن وجوده كما فنائه، كان هذا الحيوان المعروف أيضًا باسم التَّيْلَس (Thylacine) ضحية لسوء الفهم والخطأ من لدن الأوروبيين. كان المستكشف والملّاح الهولندي "أبيل تَسمان" هو من نشر تَسمية الببر تلك. ففي بحثه عن الأراضي الجنوبية القابلة للاستغلال في عام 1642، نزل على الشواطئ الشرقية للجزيرة التي أَطلق عليها اسم "أرض فان داميان" (أُعيد تسميتها لاحقًا باسم "تسمانيا" تكريما له، ولكنها تُعرف أيضا باسمها التقليدي للسكان الأصليين، لوترويتا). وهناك لمحَ فريقٌ من بحارة تَسمان، أثناء بحثهم عن المياه العذبة، آثارَ أقدام مخلوقات "لها مخالب مثل الببر".ألصق الأوروبيون أسماء مختلفة بذلك الحيوان -أبوسوم الزَّرَد؛ الذئب الجرابي؛ دينغو تسمانيا- من منطلق التحيز الاستعماري أحيانًا والجهل أحيانًا أخرى. فلقد عُدّت ثدييات نصف الكرة الشمالي متفوقة من جميع النواحي على الجرابيات الأسترالية التي وصفها المراقبون الأوائل بكونها "مخلوقات عاجزة ومشوهة ووحشية". واستخفّوا بالكوالا، الذي يحظى بشعبية كبيرة اليوم، بوصفه حيوانًا "فظًّا.. أخرقًا وصعب المراس"، ونَبذوا التيلس، أكبر حيوان جرابي في العالم عاش في العصر الحديث، بوصفه قَمّامًا بدائيًا "وحشيًا" و"بليدًا".

ولم يمض سوى وقت قصير على تشويه سمعة هذا الحيوان البري المحلي، حتى انطلق السعي لاستبداله بفصائل دخيلة متنوعة. فأفضت تلك الحماسة الاستعمارية إلى تَحوّل بيئي لم تتعاف منه أستراليا حتى اليوم. وما انقراض التيلس سوى رمز لتلك الحماقة. كان هناك ما لا يقل عن خمسة أنواع من التيلس؛ وآخر ما بقي منها على قيد الحياة هو ما يسمى بالتيلس الحديث، والذي سكن في وقت من الأوقات القارة الأسترالية بأكملها وكذلك جزيرة غينيا الجديدة. فمنذ نحو 3000 سنة، اختفى هذا النوع من البَرّ الرئيس الأسترالي. لا أحد متأكد من السبب، لكن المناخ المتغير والمنافسة مع كلب "الدينغو" الدخيل هما السببان المحتملان. ولم تتبقّ سوى مجموعات التيلس في تسمانيا، والتي تقطعت بها السبل في لوترويتا منذ أن أدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى غمر الجسر البري نحو البر الرئيس منذ نحو 10 آلاف سنة. ولكن تسمانيا، التي كان يُفتَرض أن تكون ملاذًا له، أصبحت بدلًا من ذلك مُعسكرًا لإبادته. فعلى قلة الأدلة على أن التيلس تسبب في خسائر كبيرة بالماشية، جعله مُربُّو الأغنام كبشَ فداء. فتمت شيطنةُ هذا "الببر الأصلي" بوصفه قاتل أغنام وشارب دمائها؛ وفي عام 1888، اعتُمدت مكـافـآت لكـل مـن يقتل تيلسًا. عـلى مرّ العقدين التاليــين، اصطـاد الرعـاة والصيـادون وقتـلـوا وسمّـموا الآلاف مـن التيلس.نجح برنامج المكافآت ذاك. ومع حلول أوائل القرن العشرين، أصبح التيلس نادرًا جدًا إلى درجة أن مبالغ المكافآت تضاءلت ثم توقفت. وجاءت دعوات حماية هذا الحيوان بعد فوات الأوان. ففي عام 1986، وفي غياب أي مشاهدات مؤكَّدة في البرية منذ 56 عامًا، تم إعلان انقراض التيلس رسميًا.

رفض كثيرون ذلك الإعلان: ففي وقت من الأوقات، أفادت التقديرات أن شخصًا واحدًا من كل ثلاثة تسمانيين لديه قصة "حقيقية" عن مشاهدته الببرَ. ولكن مع مرور عقود من الزمن، وتخصيص مكافأة فاقت المليون دولار في عام 2005 لكل من يقدم دليلًا على وجود تيلس، لكن لم ينلها أحد.. أصبح انقراض هذا النوع مؤكدًا أكثر من أي وقت مضى، ومأسوفًا عليه أكثر من أي وقت مضى. أجرى "كريس هيلغن"، كبير العلماء لدى "المتحف الأسترالي" وعالم ثدييات ومستكشف لدى ناشيونال جيوغرافيك، فحصَ عيّنات التيلس في جلّ المتاحف التي توجد بها. وقاس زُهاء 500 جمجمة تيلس، ويتحدث عن هذا الحيوان بمزيج من الدهشة والرهبة. قال لي: "لقد أذهلني كبر حجمه. فلقد كان أحد المفترسات المهيمنة في أستراليا القارية طوال جل أمد حياته بصفته نوعًا". والأكثر إثارة للإعجاب من دور التيلس بوصفه آكل لحوم من مفترسات القمة، هو المكان الذي يحتله هذا النوع في مملكة التطور. قال هيلغن: "كان التيلس آخر فرد في عائلته؛ وهذا أمر ذو دلالات عميقة حين ننظر في عائلة من الثدييات؛ فالدببة عائلة، والزرافات عائلة، والخيول عائلة، والدلافين عائلة. داخل أستراليا، لا يوجد سوى عدد قليل من هذه العائلات: الكنغر، الأبوسوم القندي الطيار والأبوسوم الدائري، وجميع آكلات اللحوم الجرابية الأخرى. لم يكن التيلس عضوًا في أيٍّ من هذه المجموعات. "لقد كان فريدًا للغاية وقديمًا للغاية، وعاش تاريخه بأكمله في هذه القارة".

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab

استكشاف

لعب الكبار.. ضــرورة

لعب الكبار.. ضــرورة

يميل الكبار إلى تجاهل اللعب بوصفه أمرًا سخيفًا أو طفوليًا، لكن المرح قد يكون أمرًا أساسيًا لبقاء نوعنا البشري.

مقابلة مع عالِم ونجم لموسيقى الروك

استكشاف فكرة نيرة

مقابلة مع عالِم ونجم لموسيقى الروك

يمزج "بريان ماي" -أحد مؤسِّسي فرقة "كوين" ومستشار وكالة "ناسا"- بين الفيزياء الفلكية وموسيقى الروك لخلق تناغم كوني.

جاذبية العزلة والمنعزلين

استكشاف فكرة نيرة

جاذبية العزلة والمنعزلين

يعيش سكان جزيرة سينتينل الشمالية على الصيد وجمع الثمار.. وصد الغرباء. ورغم ذلك، فإن العالم يرفض أن يتركهم وشأنهم.