الديدان الصغيرة تسمع بدون طبلة أذن

أظهرت التجارب أن الدودة يمكنها استشعار الموجات الصوتية والاستجابة لها باستخدام آلية فريدة وراثيًا. الصورة: ALAMY STOCK

الديدان الصغيرة تسمع بدون طبلة أذن

كشفت تجارب جديدة عن أن جلد الربداء الرشيقة يتضاعف كغشاء حساس للصوت، ما يجعل جسم الدودة بأكمله طبلة أذن.

7 أكتوبر 2021

في حين أن الحواس المعقدة الأخرى، مثل الرؤية، منتشرة على نطاق واسع في المملكة الحيوانية، إلا أن السمع موجود حتى الآن فقط في الفقاريات وبعض المفصليات. ونجد أن اغلب الحيوانات تعتمد تقريبًا على عضو يهتز عندما تصطدم به الموجات الصوتية، ما يطلق الخلايا العصبية المرتبطة بمعالجة الصوت. في البشر ومعظم الفقاريات الأخرى، تتكون الأذن من طبلة الأذن الدقيقة والأذن الداخلية. لكن بالنسبة لديدان الربداء الرشيقة، فإنها لا تمتلك عضوًا سمعيًا متخصصًا.

وكشفت تجارب جديدة عن أن جلد الربداء الرشيقة يتضاعف كغشاء حساس للصوت، ما يجعل جسم الدودة بأكمله طبلة الأذن. وتقدم الدراسة، التي نشرت مؤخرًا في مجلة Neuron بقيادة مختبر "شون شو" في جامعة ميشيغان، أول دليل على أن اللافقاريات غير المفصلية يمكنها استشعار الصوت المحمول في الهواء. وكان ذلك الفريق البحثي قد كشف من قبل دليلاً على أن الديدان ذات المليمتر الواحد لديها حواس الرائحة، والطعم، واللمس، تليها عملية التكوين ــ ما يسمى بالحس السادس للوعي بالجسم ــ واكتشاف الضوء.

يقول" شو"، عالم الأحياء الحسية: "منذ ذلك الحين، لم يكن هناك سوى شيء واحد مفقود، وهو الإحساس السمعي، لقد أمضينا كل هذه السنوات في البحث عنه". ويضيف "شو" أن هذا الاكتشاف يمثل قفزة كبيرة في فهمنا لكيفية سماع الكائنات الحية وكيفية تطور السمع. كما يمكن أن يوسع البحث عن السمع في المزيد من الكائنات الحية التي تفتقر إلى آذان واضحة، مثل الرخويات والديدان الأخرى، وتسليط الضوء على الحيوانات التي لا يزال العلماء يبحثون في قدراتها السمعية.

استشعار الصوت

طورت العديد من الحيوانات التي تفتقر إلى طبلة الأذن المتخصصة، وبالتالي لا يمكنها السمع من الناحية الفنية، طرقًا أخرى لمعالجة الصوت. فمثلًا تمتلك الضفادع "عديمة الأذن" أذنًا داخلية وليست طبلة أذن، ما يعني أنها قد تعتمد بدلاً من ذلك على مزيج من جلدها وعظامها لتوصيل الموجات الصوتية إلى أذنها الداخلية. أما العناكب القافزة والحشرات الصغيرة الأخرى فإنها تكتشف الموجات الصوتية عن طريق التقاط الاهتزازات بشعر فائق الحساسية على أرجلهم. لكن آلية استشعار الصوت لمعظم اللافقاريات، قد استعصت على العلماء لفترة طويلة لأن مثل هذه التجارب تتطلب تقنيات متقدمة.

لمعرفة ما إذا كانت الديدان تستطيع سماع الصوت أو استشعاره، اختار الباحثون المكان الذي توقف عنده داروين، وهو تشغيل ضوضاء عالية للتأكد من أن الديدان كانت تكتشف الموجات الصوتية في الهواء بدلاً من الاهتزازات، وقام الفريق بتعديل الديدان وراثيًا لإزالة حاسة اللمس.

"إليزابيث رونان"، طالبة الدراسات العليا في مختبر شو والتي شاركت في تأليف الدراسة، تحققت أيضًا من أن المادة الشبيهة بالجيلاتين التي زحفت الديدان عليها لم تجعلها تهتز. حتى من دون أن تكون قادرة على الشعور، تراجعت ديدان الدراسة عندما انطلقت الأصوات في رؤوسهم، وزحفوا إلى الأمام عندما كان الصوت وراءهم. لكن مجرد رؤية الديدان وهي تتلوى بعيدًا عن الصوت لم يكن دليلًا كافيًا على أن اللافقاريات كانت تستشعر الموجات الصوتية حقًا. كان من الممكن أن الديدان تلتقط الحركات الجسدية للموجات الصوتية على جلدها، بدلاً من اكتشاف الإشارات الكهربائية بجهازها العصبي. لذلك، قام الفريق، باتباع معايير البحث الأخلاقي على الحيوانات، باختبار نوع آخر من الديدان المعدلة وراثيًا والمغطاة بالبثور، مفترضين أنها ستعطل أي اهتزازات محتملة يستشعرها جلد الدودة وبينما انطلقت الأصوات، بقيت الديدان ساكنة.

من خلال اختبار المزيد من الديدان وإجراء مجموعة من الاختبارات الجينية المتقدمة، تتبع الفريق في نهاية المطاف الجزيئات في الجهاز العصبي المسؤولة عن استشعار الصوت (مستقبلات الأسيتيل كولين النيكوتين)، وهو ناقل عصبي مدروس جيدًا موجود في العديد من الحيوانات. ووجدوا أن الجزيئات الموجودة في جميع أجزاء جلد الدودة تكتشف الموجات الصوتية وترسل إشارة وجودها إلى الدماغ. وأن الديدان لم تستجب للصوت.

يقول "جال هاسبل"، اختصاصي الأمراض العصبية في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا والذي لم يشارك في البحث: "لقد نظرنا إلى هذا الجزيء لأطول فترة نظرنا فيها إلى أي ناقل عصبي، ولم ير أي شخص آخر ما شاهده". وصف "هاسبل" طرق البحث بأنها لا تشوبها شائبة، مضيفًا أن الفريق اكتشف بالضبط الآلية الخلوية الكامنة وراء الاستجابة السلوكية.

هل تسمع الديدان؟

أظهرت التجارب أن الدودة يمكنها استشعار الموجات الصوتية المحمولة جوًا والاستجابة لها باستخدام آلية فريدة وراثيًا تشبه سمعنا. لكن ما إذا كانت الديدان تسمع بالفعل هو سؤال آخر. يعتقد بعض العلماء أن المستويات الأعمق من الإدراك، مثل الوعي أو ربط الأصوات بخريطة معرفية، ضرورية للسمع الحقيقي. بالنسبة للدراسة الجديدة، فإن الاستشعار والاستجابة للأصوات المحمولة جواً - وهو السلوك الذي أطلق عليه اسم "الإحساس السمعي" لا يفي بهذا المعيار. لكن علماء آخرين يرون مساحة أكبر للمناورة. ومنهم رونان التي تقول: " الدودة عبارة عن أنبوب مملوء بسائل قادر على اكتشاف هذه الأحاسيس الصوتية". لكن "دافني سواريس"، أخصائية الأمراض العصبية في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا، والتي لم تشارك في الدراسة تشير إلى أن أن هناك فرقًا مهمًا بين استشعار الموجات الصوتية جسديًا، والسمع الحقيقي. ومع ذلك، يرى كل من "سواريس" و "هاسبيل" إمكانية توسيع التجارب لتعكس الظروف البيئية الفعلية، مثل اختبار استجابات الديدان لأصوات الحيوانات المفترسة.  توضح "سواريس" أن البحث يمكن أن يثير أسئلة عميقة في التاريخ التطوري، لأن أقدم الحيوانات على الأرض كانت في الغالب ناعمة الجسم. لذا كان عليهم أن يشعروا بالبيئة بطريقة ما.

المصدر: Nationalgeographic

 

اقرأ أيضًا:

هل تصبح الديدان المشوية بديلًا للحوم؟

وحيش

ضفادع تذوب عشقًا  عندما يبدأ موسم التزاوج

ضفادع تذوب عشقًا عندما يبدأ موسم التزاوج

عندما يحل الربيع، تستفيق الضفادع الحرجية من السبات المتجمد ولا شيء يشغل بالها سوى التناسل.

غزالة وفهد صياد

وحيش غريزة

غزالة وفهد صياد

من يسبق الآخر.. الغزالة أم الفهد الصياد؟ لقطة رائعة من "محمية نغورونغورو" في تنزانيا، التُقطت أثناء مطادرة شرسة لهذه الغزالة الصغيرة التي كانت تختبئ بين الحشائش.

صقر

وحيش غريزة

صقر

نظرة ثاقبة، استعدادت واثقة، ثم انطلاقة خاطفة. بعد أن تمكن هذا الصقر، "قرموشة جرناس"، من تحديد موقع فريسته المنتظرة؛ أصبح لازمًا على هذا الصقار إطلاقه للفوز بالغنيمة.