عادةً ما تمثل أولُ تجربة جنسية للبشر حدثاً ذا شأن عظيم، لِما يصاحبها من هواجس ومشاعر وتوقعات متجاذبة متباينة. ويُقال إن فقدان العذرية (أو البراءة بمعنى أو بآخر) يترك في الإنسان -ذكراً كان أم أنثى- تغييراً ذا أثرٍ لا يمحوه الزمن.
ولعلّ أكبر المؤيدين لذلك القول هو ذَكر الجُدجد المُحدَّب الجناحين (grig). فأول أنثى يتزاوج معها هذا المخلوق لا تُمزّق براءته فحسب وإنما تمزق إرباً من جسده أيضاً.
تنتمي هذه الحشرة الشبيهة بصرّار الليل إلى فصيلة (Prophalangopsidae)، وينطوي موسم تزاوجها السنوي على ظاهرة يصفها سكوت ساكالوك، عالم البيئة السلوكية، بكونها "ممارسة جنسية شاذة افتراسية متوحشة". ويعمد الذكر، للإيقاع بالأنثى في حبال غوايته، إلى مناداتها بصوت صرير من خلال فرك جناحيه الأماميين. وبعد أن ينجح في مهمته تلك، يُباشر أُنثاه وتُباشره فيدعوها في غمرة اللذة لقضم أجزاء من جناحيه الخلفيين وارتشاف اللَمَف الدموي الذي ينزف منهما. "ففي ليلةٍ، كان (الذكر) عفيفاً ذو عذرية.. وفي التالية صار مقضوم الجناح" على حد تعبير ساكالوك.
لكن، لماذا ينجح بعض ذكور هذه الحشرة مرّاتٍ ومرات في نيل تلك اللحظات الغرامية البشعة المروّعة (ولو أنها نادراً جداً ما تكون قاتلة)، فيما يفشل آخرون في ذلك؟ يكمن الجواب في النداء. فقد أجرى زميل ساكالوك، جيف آوير، مقارنة بين نداءات كثير من ذكور الجُدجد المُحدَّب الجناحين، فوجد "اختلافات جوهرية" بين أصوات الذين يجذبون الإناث بكثرة، وأصوات من هم أقلّ حظاً وحُظوة.
ويوضح ساكالوك أن الذكور حينما يتحولون إلى وجبات جنسٍ للإناث، تُستنزف قوتهم اللازمة لإصدار الصّرير. وهكذا مع نهاية موسم التزاوج "لا يُسمع سوى عدد قليل من نداءاتهم.. إنهم أولئك الذين حظوا بأكبر عدد من الإناث، حتى أصبحت أجسادهم ضئيلة الحجم من كثرة القضم". -باتريسيا إدموندز
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز