عزم "أليكس هونولد" على تسلّق سفح واجهة "إل كابيتان" الصخرية في "منتزه "يوسيميتي الوطني" من دون حبال. وكان من المزمع أن يتولّى صديقه "جيمي تشين" تصوير الحدث. ولكن كان لا بد لهما أولاً من إيجاد طريقة للتطرّق إلى الموضوع.
عندما تكون أنت "جيمي تشين"، فإنك ستضع قائمة طويلة من الضوابط لتنفيذ مَهمة تصوير صديقك "أليكس هونولد" وهو يحاول تسلُّقَ واجهة "إل كابيتان" في "منتزه يوسيميتي الوطني" بالولايات المتحدة.. من دون استعمال أي حبال. وستوظّف فريقاً ذا خبرة واسعة من المصوّرين المتمرّسين في تسلّق الجبال، ليهبطوا الواجهة الغرانيتية -البالغ ارتفاعها نحو 900 متر- متدلّينَ من الحبال إلى جانب صديقك أثناء تسلّقه. عندها، لا يُسمح لأحد من هؤلاء المصورين بأن يهمس أو يعطس أو يُسقط غطاء عدسة أو يحرّك حصاة؛ إذ إن أياً من ذلك قد يشكل تشويشاً يلقي بصديقك نحو حتفه. والأهم هو أنه لا يُسمح لأحد بأن يُحادث هونولد عن عملية التسلّق الأسطورية، وإنْ كان للحديث من بد فليس على نحوٍ مباشر؛ وذلك لتفادي تحميل الرجل أي ضغوطات نفسية، وكذلك لعدم الإخلال بحالته الذهنية المضبوطة بدقة.. حالة هي خليطٌ من التركيز الشديد والثقة المتناهية بالنفس والسكينة العميقة. ولا ينبغي لك عند الإشارة إلى موضوع التسلق أن تستعمل مصطلح "التسلّق الفردي الحرّ" (الذي يعني التسلّق بلا حبال أو تجهيزات أمان)، بل استخدم التعبير الملطّف، "التسلق الفوري".
وعندما تكون أنت جيمي تشين فإنك تتّبع هذه القواعد، على وعيك بأن فكرة وجود قواعد أصلاً هي فكرة تتعارض مع مفهوم التسلّق الفردي الحر. فالتسلّق بلا حبال يخالفُ بصورة صارخة أي قواعد، وبخاصة قواعد تسلّق الجبال، فضلاً عن المنطق البشري. ولكن إن حدث أن هوى شخصٌ يتسلّق الجبل تسلّقاً فردياً حراً، فلا مجال لمخالفة قانون الجاذبية الذي لا يُعصى أمره ولا يُكبَت صوته.
وقد تفكر بالعديد من الأشخاص الذين كانوا قد هووا إلى حتفهم، بعضهم ممن تعرف شخصياً. وإنْ فعلت فستتخيل فجأة وبوضوح، الصورةَ المرعبة لصديقك وهو يسقط خافقاً في الهاوية.
ولكن، مهلاً! هذه تحديداً هي الصورة التي من المفترض ألاّ تتخيّلها عندما يكون صديقك الحميم مقبلاً على ما يصفه بعض الخبراء بأنه أجرأ عملية تسلّق تُخاض في التاريخ.
هذا النوع من الأفكار دار في خلد تشين أكثر من عام أثناء تولّيه وزوجته "إليزابيث تشاي فاسارهيليي" -التي هي في الوقت نفسه شريكته في إنتاج الأفلام- توثيقَ مساعي هونولد لدخول تاريخ تسلّق الجبال من أوسع أبوابه. (تحذيرٌ مسبق من أننا سنفسد عليك المفاجأة: إن مساعي الرجل تكللت بالنجاح). حمل الفيلم العنوان المناسب: "التسلّق الفردي الحر" (Free Solo) وهو يُعرض حالياً في دور السينما بأميركا. يقول تشين: "أن يصوِّر المرء متسلّقَ جبال يتمتع بما لدى أليكس من قدرات جسمية وذهنية، مقرونة مع رغبة بخوض مغامرةٍ طموح ومخيفة إلى هذا الحد.. فذاك مشروع العمر، بلا أدنى شك".
وكان تشين (البالغ من العمر 45 عاماً) وهونولد (البالغ من العمر 33 عاماً) قد
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز