دعكَ من كل تصوراتك المسبقة عن الروبوتات على أنها آلات معدنية متصلبة تتحرّك بحركات فجائية متشنّجة؛ فهناك "أخطبوت" (روبوت أخطبوطي) لا يتجاوز عرضه ثمانية سنتيمترات قد دخل ساحة الروبوتات ليغيّرها إلى الأبد.
وهذا "الأخطبوت" (Octobot) هو أول روبوت في العالم يمتاز بأنه ليّن بالكامل ومستقل وغير مقيّد. فهو خالٍ من الأسلاك والبطاريات وأي موادّ صلبة، تماماً كحال الأخطبوط الحقيقي الذي لا يتوفر على هيكل عظمي داخلي.
وقد اختبر فريق بحث من "جامعة هارفارد" -يقوده أستاذَا الهندسة "روبرت وود" و"جنيفر لويس"- أكثر من 300 تصميم قبل أن يتوصل إلى النموذج الذي يعمل. والآن قد يُحدث "الأخطبوت" ثورةً في طريقة استعمال الروبوتات. فالروبوتات التقليدية "رائعة لتطبيق ما تفعله من حيث الأداء الآلي، إلا أنها ليست مصمّمة للتفاعل مع البشر"، على حد قول وود. أما الروبوتات اللينة فتوفر حلاً مأموناً أكثر؛ "فإذا اصطدمَت بجسمٍ ما، فسيكون الأمر كالاصطدام بكرة سلة.. إنها لن تؤذيك". قبل عهد "الأخطبوت"، كانت الروبوتات الطريّة إما روبوتات هجينة (بأجزاء خارجية مرنة وأحشاء قاسية من البطاريات والأسلاك) أو نماذج ليّنة مرتبطة بحبل خارجي. لكن "الأخطبوت" يقضي على هذه القيود؛ فهو يتحرّك بقوة الهواء المضغوط (المبيّنة أعلاه بصبغ زهري): إذ تثير دارةٌ كهربائية داخلية تفاعلات كيميائية، فتحول وقود بيروكسيد الهيدروجين السائل إلى غاز ينفخ أطراف الروبوت ويتيح لها الحركة. وتُصنع تركيبة هذا الروبوت بالكامل من السليكون بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
يُعدّ "الأخطبوت" مجرّد نموذج أوّلي، إلا أن أذرعه الملتوية تثبت أن هذه التقنية تعمل. أما الهدف المنشود -على حــد قــول وود- فهــو إيجاد تطبيقات عملية لهذا الجهاز، كاستخدامه في الرعاية الصحية. إذ يمكن صناعة الروبوتات اللينة من موادّ متوافقة أحيائياً وقابلة للتحلّل، بل وربما يمكن تشكيلها على هيئة كبسولات قابلة للبلع، لتوفير تنظير داخلي أكثر فعّالية وأقل إزعاجاً للمرضى.
وقد يُستخدم "الأخطبوت" أيضاً في المشابك الواقية لأسنان لاعبي كرة القدم الأميركية، حيث يرصد الهجومَ الوشيك على اللاعب، فيبسط أذرعه بسرعة كافية لتجنيبه أي إصابات.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز