كان "هنري ديفيد ثورو"، المؤلّف والفيلسوف الأميركي، قد ذكر في كتابه الشهير "وولدن": "أنا متأهّب لرؤية بشائر الربيع". وقد دوَّنَ المؤلِّفُ في كتابه أوقات الإزهار الأولى بين عامي 1852 و 1858 لأكثر من 300 نوع من النباتات في مدينة "كونكورد" بولاية ماساتشوسيتس. وخلال جولاته اليومية عبر الحقول والغابات، كان قد دوَّنَ كذلك متى تعود الطيور المهاجرة، ومتى تورق أغصان الأشجار، ومتى يذوب الجليد على بحيرة "وولدن بوند".
بعد نحو 160 سنة، ها هو "ريتشارد بريمارك"، عالم الأحياء لدى "جامعة بوسطن"، يستعمل البيانات التي خطّها ثورو بيده لتقصّي كيف تَغيّر المناخ في هذا الركن من ولاية نيو إنغلند الذي يتمتع بأهمية تاريخية كبيرة. وقد بدأ بريماك وطلاّبه عام 2004 يتجوّلون في أرجاء مدينة كونكورد بحثاً عن حالات الإزهار الأولى لتدوينها ودراستها. وتعليقاً على ذلك، يقول بريماك: "في البداية، لم نكن نعرف أين نبحث عنها"، إلى أن قرؤوا أن ثورو كان يوفَّق في اكتشاف الأزهار المبكّرة عندما كان يبحث عنها في المناطق التي اقتحمها البشر؛ إذ كان هذا المفكّر الذي عاش في القرن التاسع عشر، يجد ضالّته على طول سكك الخطوط الحديدية. وكذلك حالف الحظّ بريماك وفريقه على مقربة من مواقف السيارات الخاصة بمنطقة وولدن.
وتؤكّد دراسة بريماك -التي لم ينتهِ منها بعد- على أن المناخ المحلّي المتزايد الحرارة (ازداد معدّل الحرارة في كونكورد 3 درجات مئويّة) يعجّل من حلول الربيع. واليوم يبدأ الجليد بالتكسّر على سطح بحيرة وولدن بوند، ويبدأ العديد من النباتات هنا بالإزهار قبل ما لا يقلّ عن أسبوعين مما كان يحدث أيام ثورو؛ أما أغصان الأشجار فتورق قبل 18 يوماً مما كانت تفعله آنذاك. وحدها الطيور المهاجرة هي التي مازالت تعود إلى المكان في وقت مقارب للوقت الذي كانت تعود فيه سابقاً. يُطرَح سؤال: كيف لهذه التغيّرات المحتشدة أن تؤثّر في النظام البيئي المحلّي؟ لمعرفة ذلك، ذكر ثورو في كتاباته أنه لا مفرّ للمرء من أن "ينتظر إلى أن تكشف الطبيعة عن ذلك بنفسها!". -Rachel Hartigan Shea
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز