حسين الموسوي
حسين الموسوي
كلما قرأتُ الشعر الجاهلي، تَفكرتُ في فرادة اللغة العربية وسلاستها، حتى بعد عصور من تطور لهجاتها المختلفة التي نستخدم اليوم. وكثيرٌ من شعوب المعمورة لا يمتلك مثل هذا الحبل اللغوي المتين الذي يربط الإنسان العربي، وجدانيًا وثقافيًا ونفسيًا، إلى أسلافه. وما يثيرني دائمًا في تلك القصائد هو رسم الشعراء ملامحَ الحياة في شبه الجزيرة العربية من خلال صحاريها ونباتها ووحيشها؛ وهو أمر عادةً ما أستحضره وأنا أَقود سيارتي خارج المدينة حيث أجدُني أردد في ذهني هذا البيت أو ذاك.
كان من الطبيعي أن تتغير ملامح الطبيعة وما حَوَت على مرّ ذلك الزمن، لا سيما اختفاء بعض وحيشها الذي كان له نصيب كبير في الأدب العربي، مثل النعام العربي والأسد العربي (الآسيوي) المنقرضين، مثالًا لا حصرًا. لكن يبقى أبرز الغائبين -بصفة شبه تامة- عن المشهد البري لمنطقتنا هو النمر العربي، ذلك المخلوق السري الخفي الغامض.. والمهيب. فبعد أن ظل صامدًا في وجه الظروف الصعبة، كتناقص موائله وفرائسه، استسلم للانقراض من البرية ولم يعد يُرى سوى في حدائق حيوان تُعدُّ على رؤوس الأصابع.. ويا للأسف! لكن ثمة بارقة أمل تنبعث من دول كالإمارات والسعودية، حيث تتضاعف الجهود لإعادة النمر العربي إلى سابق عهده؛ بدايةً بدرء انقراضه من خلال برامج الاستيلاد والإكثار، وبعدها بإعادة إطلاقه في موائل برية مناسبة. في العام الماضي، كرّمت "الأمم المتحدة" هذا المخلوق بهي الطلعة بجعل تاريخ 10 فبراير "اليوم العالمي للنمر العربي"؛ وذلك للتعريف بأهميته في المنظومة البيئية لمنطقتنا. ولهذه المناسبة، خصصنا غلاف هذا الشهر وتحقيقه الرئيس للاحتفاء بهذه النمور وإلقاء الضوء على مختلف الجهود الرامية لإنعاشها ونقلها من جمود النقوش الصخرية ومتون الكتب والقصائد الشعرية إلى الحياة حيث كانت وستبقى.. سادة الجبال.
أرجو لكم قراءة ممتعة.