إنـنا جميـعاً -بصفتــنا نعـمـل تـحــت مظـلــة ناشيونال جيوغرافيك- أُصبنا بنوع من الصدمة، إذ كشفت المجلة في عدد أبريل الماضي أن جل تحقيقاتها السابقة عن بعض شعوب العالم كانت مشوبة بشيء من التمييز العنصري. فلقد دُهشتُ شخصياً لمّا قرأتُ ما أدلت به رئيسة...
إنـنا جميـعاً -بصفتــنا نعـمـل تـحــت مظـلــة ناشيونال جيوغرافيك- أُصبنا بنوع من الصدمة، إذ كشفت المجلة في عدد أبريل الماضي أن جل تحقيقاتها السابقة عن بعض شعوب العالم كانت مشوبة بشيء من التمييز العنصري. فلقد دُهشتُ شخصياً لمّا قرأتُ ما أدلت به رئيسة تحرير النسخة الدولية -سوزان غولدبرغ- في افتتاحيتها للعدد المذكور، إذ قالت إن المجلة عبر تاريخها وإلى حدود سبعينيات القرن الماضي، "تجاهلت الأميركيين من أصل غير أوروبي وهمّشتهم، ووصمت جماعات عرقية أخرى بأنها همجية، وروّجت لصور نمطية شتى".اليوم وبعد شهور على ذلك الإقرار، أجدني "مبهورة" بما تقدمه هذه المطبوعة من تحقيقات متوازنة عن الأميركيين من أصل غير أوروبي؛ إذ لم يتوقف الإقرار عند ذلك الحد، بل تلته سلسلة تحقيقات بَدَت في مجملها وكأنها "تكفير" عمّا نُشر على صفحاتها على مر زمن طويل مضى.. تحقيقات تحوي قدراً كبيراً من الموضوعية والصراحة.
تتعامل بعض الثقافات مع تركة من ذلك النوع بتجاهل كامل، فتتجاوزها وتطمسها ولا تأتي على ذكرها؛ ولذا يتوقف نمو بعض الحضارات واستمرارها. إذ إنها تُلغي صفحات من تاريخها برفضها المصالحة مع ذاتها، ما يمكن أن يفتح الباب لأجيال المستقبل لكي تعيد ارتكاب "الذنب" نفسه.
قد يبدو مؤلماً ما علمناهُ من حقائق بشأن التمييز العنصري الذي طال قوميات وأعراق بعينها على صفحات ناشيونال جيوغرافيك -كما هو وارد في هذا العدد ضمن تحقيق "أنا أميركي أيضاً" عن الأميركيين من أصل ياباني- ولكن بمقدار ذلك الألم تورثنا المجلة تركةً إنسانية ضخمة ينبغي لنا أن نرعاها جيدا لتلافي أخطاء الماضي.. إن كنا جادين في صنع مستقبل أفضل.