أدى تغير المناخ وتداعياته المستمرة إلى استنفار عالمي بحثًا عن أنجع الحلول؛ ومن ضمنها جهود دولة الإمارات المستندة إلى حل من الطبيعة.. وإليها.
يرتبط بعض ذكريات طفولتنا العزيزة على قلوبنا بـ"كورنيش القرم"، مثل كثير من أقراننا في دولة الإمارات العربية المتحدة. يمتد هذا الكورنيش مسافة 3.5 كيلومتر تقريبًا لدى مياه الخليج العربي في أبوظبي، وهو أحد الرصيفين الساحليين الرئيسين في العاصمة، حيث كان يُمضي كثيرٌ من الأهالي عطلات نهاية الأسبوع في التنزه مع ذويهم وأصدقائهم لدى شرفات المراقبة ذات اللون القمحي أو على العشب المحيط بنوافير "الدلافين" الشهيرة. وقد شُيّد الكورنيش -الذي مازال وجهة للعائلات ومحبي الرياضة اليوم- في تسعينيات القرن الماضي، مستمِدًّا اسمه من أشجار القرم (المنغروف) المزدهرة التي يطل عليها. إن القرم من أكثر الأشجار تميزًا على وجه الأرض. وهناك عدة أنواع منها تنمو في السواحل ومناطق المد والجزر في البحار والمحيطات، إذ يمكنها تحمل الملوحة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة. وتزدهر هذه الأشجار في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية؛ ومن بين مناطق وجودها، أميركا على طول ساحل خليج المكسيك تقريبًا، وصولًا إلى فلوريدا، وسواحل إفريقيا، وجنوب شرق آسيا، ومنطقة الخليج العربي. وتتمركز في دولة الإمارات أكبر نسبة من أشجار القرم في منطقة الخليج، وهي موطن لفصيلة نادرة تدعى القرم الرمادي وتُسمى علميًا "أفيسينيا مارينا".
وعودةً إلى زمن طفولتنا، ما زلنا نَذكر جولات تنزهنا لدى كورنيش القرم مع عائلتنا، حيث كنا نستمتع بمشاهدة مياه الخليج العربي وأشجار القرم. ولأن هذه الأخيرة تنمو متشابكة في مجموعات كثيفة، وبسبب قلة معرفتنا بطبيعتها في ذلك الوقت، كنا نظن أن تلك القريبة من الكورنيش هي جزيرة يمكن للمرء بلوغها سباحةً أو على متن قارب. لكن والدتنا بددت ظنوننا بشأن تلك الأشجار إذ أخبرتنا أنها ليست جزيرة وإنما غابة تنمو في الماء. لم تستوعب عقولنا الفتية آنذاك هذه الحقيقة، بل بدت لنا غريبة وغير طبيعية إلى حد ما؛ ذلك أن كل الأشجار التي عهدنا وعايشنا حتى ذلك الوقت -كالنخيل والغاف- كانت تنمو على اليابسة. ولكننا عندما كبرنا، وصرنا نتجول خلال أشجار القرم على متن قوارب تجديف فرأيناها من قرب، صرنا نُقدّرها أكثر فأكثر ووجدنا في أشكالها بهاءً -خاصة لدى أنظمة جذورها الواضحة للغاية- وأدركنا مدى الفوائد التي تقدمها للعالم. كانت شجرة القرم، على مرّ قرون من الزمن، بمنزلة الوصي علينا. فلقد شكلت مصدرًا طبيعيًا لحمايتنا ضد العواصف البحرية وتآكل التربة وارتفاع منسوب سطح البحر، كما ظلت منذ زمن بعيد مصدرًا مهما للغذاء والمأوى والموئل للحيوانات. واستخدم أهل المنطقة في السابق أغصانها لبناء السفن والمنازل ولأغراض التدفئة. وعلى كل ذلك الدور الحيوي الذي تؤديه هذه الشجرة، فإنها اليوم مهددة في أرجاء العالم بالعديد من العوامل مثل التلوث والنشاطات البشرية، كالتعمير عند الحدود الساحلية وشق الطرق؛ حتى إن أعدادها في انخفاض على صعيد العالم. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسةٌ أجرتها "منظمة الأغذية والزراعة" (فاو) أن المساحة المغطاة بأشجار القرم على مستوى الع
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز
مصب نهر الأمازون ليس مجرد نهاية لأقوى أنهار العالم وأكثرها عنفوانًا، بل هو أيضًا بداية لعالم مدهش يصنعه الماء.
سواء أَرأينا الدلافين الوردية أشباحًا تُغيّر أشكالها أم لعنةً تؤْذي الصيادين، تبقى هذه الكائنات مهيمنة على مشهد الأمازون ومصباته. ولكن مع تغير المشهد البيئي للمنطقة، بات مستقبل أكبر دلافين المياه...
يراقب عالِمان ضغوط الفيضانات في غابات الأمازون المنخفضة.. ويسابقان الزمن لحمايتها ضد الظروف البيئية الشديدة التي ما فتئت تتزايد على مر السنوات.