كيف تؤدي الحروب إلى نقص الغذاء في العالم؟

تنتج أوكرانيا وروسيا 30 بالمئة من قمح العالم، و12 بالمئة من سعراته الحرارية. بدون هذا القمح وتلك السعرات، سوف ترتفع الأسعار وينتج نقص عالمي قد يؤدي إلى انعدام الاستقرار في بعض مناطق العالم. الصورة: Majdi Fathi, NurPhoto via Getty Images

كيف تؤدي الحروب إلى نقص الغذاء في العالم؟

كميات أقل من الحبوب والأسمدة الأوكرانية والروسية تصل إلى أسواق العالم؛ تثير مخاوف الخبراء بشأن نقص محتمل في الغذاء وارتفاع أسعار السلع.

7 ابريل 2022

من المفترض أن يبدأ "جوناثان كليبورن" الآن برش النيتروجين على حقول القمح الشتوية التي يملكها. ومن المفترض أن يتسلم طلبيته من بذور الذرة ودوّار الشمس ليبدأ عماله في زراعتها في بداية شهر أبريل. ومن المفترض أيضًا أن يستمتع بحلول الربيع في مزرعته في غرب أوكرانيا مع زوجته ال وأطفالهما الثلاثة وكلبهما. لكن كليبورن، المهاجر الأيرلندي، مشغول يوميًا بما ينشغل به جميع المزارعين الأوكرانيين، وهو التواصل مع الأقارب العالقين في مناطق النزاع، وإيواء العائلات الهاربة من القصف، والعمل بجد لإبقاء مزرعته على قيد الحياة. إن لم ينجح في ذلك، فلن يجوع الأوكرانيون فقط، بل ومئات الملايين حول العالم. فقد تسببت الحرب، الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، في أسوأ نقص في الغذاء العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.

نتيجة لظروف الحرب الروسية الأوكرانية فقد ارتفعت أسعار القمح والذرة والصويا، إذ ارتفع سعر القمح مثلًا بواقع 60 بالمئة منذ فبراير الماضي.

تنتج أوكرانيا وروسيا 30 بالمئة من قمح العالم، و12 بالمئة من سعراته الحرارية. بدون هذا القمح وتلك السعرات، سوف ترتفع الأسعار وينتج نقص عالمي قد يؤدي إلى انعدام الاستقرار في بعض مناطق العالم. لقد أوقفت الحرب صادرات البلدين من الحبوب، ومعهما بيلاروسيا. إذ يصدر البلدان أيضًا الأسمدة، لذا قد تؤثر هذه الحرب على جميع مزارعي العالم. 
انتقل كليبورن إلى أوكرانيا قبل 15 عامًا. أتى ومعه ملابسه التي كان يرتديها فقط. لكنه اليوم يمتلك نحو 30 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الزراعية، تقع بالقرب من مدينة لفيف الحدودة مع بولندا، وهي منطقة لم تمسها آثار الحرب بعد، لذا يعد نفسه محظوظًا. يقول كليبورن وقد غلبه التعب: "يخشى بعض المزارعين رش الأسمدة لأن الجنود الروس يطلقون النار على كل ما يتحرك. وتشير بعض التقارير إلى أنهم يزرعون الألغام في الحقول، هذا عدا القنابل التي لم تنفجر. أعتقد أن حصاد هذا العام سوف يكون ثلث أو ربع حصادنا المعتاد".

  •  حقول شاسعة من القمح في منطقة "زاكارباتيا" الواقعة في غرب أوكرانيا. الصورة: Serhii Hudak, Ukrinform, Future Publishing via Getty Images

يقترب موعد زرع البذور، فيما يستمر النزاع المسلح، لينذر بعواقب غذائية وخيمة. تستورد 26 دولة حول العالم أكثر من نصف احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، وذلك بحسب "عارف حسين"، رئيس القسم الاقتصادي في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. يقول حسين: "إذا لم تتوقف الحرب خلال الأسبوعين المقبلين، فسوف تسوء الأوضاع أكثر. لن يكون بإمكان أوكرانيا زرع الذرة. ولن يحصل القمح الشتوي المغروس على الأسمدة. وسوف يقل الحصاد بشكل ملحوظ. هذا خطر حقيقي. أوكرانيا بلد يبلغ تعداد سكانها 40 مليون نسمة، لكنها تنتج الغذاء لحوالى 400 مليون إنسان. هذا واقع العولمة. هذه الحرب تمسنا جميعًا". ونتيجة لظروف الحرب هذه فقد ارتفعت أسعار القمح والذرة والصويا، إذ ارتفع سعر القمح مثلًا بواقع 60 بالمئة منذ فبراير الماضي. وقد تسببت أزمات غذائية مشابهة في الماضي في اندلاع أعمال شغب في مدغشقر وهايتي.

ولقد كانت أوكرانيا على مرّ تاريخها بمنزلة "سلة خبز أوروبا". وأصبحت خلال العقد الماضي قوة زراعية كبرى لمعظم العالم النامي. إذ استثمرت في تحسين البذور والمعدات والهندسة الزراعية، ودخلت شركات عالمية على الخط لتنشئ بنية تحتية ومرافق لاستخلاص زيت البذور في موانئ البحر الأسود. وتضاعفت صادرات أوكرانيا منذ عام 2012. لذا تُعد اليوم ضمن أكبر خمسة مصدرين لمواد غذائية مهمة تشمل القمح وزيوت البذور.

تُخرن الآن نحو 13.5 مليون طن من القمح و16 مليون طن من الذرة من حصاد العام الماضي في المستودعات في روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب أو العقوبات. وقد تغطي صادرات الهند وأستراليا بعض النقص العالمي، خصوصًا أنهما أنتجتا فائضًا العام الماضي. يقول "ديفيد لابوردي"، محلل أول لدى "معهد أبحاث سياسات الغذاء العالمية" في واشنطن، أننا قد نستطيع تغطية النقص الناتج الآن. لكن لن يكون بإمكان أي بلد تغطية ضياع الحصاد المقبل إن لم تتوقف الحرب.

استكشاف

القطط..  سيدة الملاحة البحرية

القطط.. سيدة الملاحة البحرية

تُعرَف بنفورها من الماء، على أنها ظلت فردًا من طواقم السفن منذ بزوغ تاريخ الإبحار.

متحف دبي للتصوير: وجهة جديدة للفن البصري

استكشاف ما وراء الصورة

متحف دبي للتصوير: وجهة جديدة للفن البصري

تم إطلاق "متحف دبي للتصوير"، الأول من نوعه في الإمارات، بهدف تعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للفنون البصرية. سيجمع المبدعين المحليين والدوليين من خلال توفير مساحات لعرض الأعمال في معارض دائمة ومؤقتة.

سـبـيــلي إلى معرفة الوجوه

استكشاف

سـبـيــلي إلى معرفة الوجوه

تَعرض كاتبةٌ مصابة بعمى الوجوه تأملاتها بشأن التنقل وسط عالم مليء بالغرباء الودودين.