رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

يلتقط دلفين أنهار وردي، ببراعة كبيرة، سمكة سلور من شبكة صيد خيشومية. غالبًا ما تؤدي سرقة الأسماك بهذه الطريقة إلى إتلاف الشباك؛ مما يسبب صراعات بين الدلافين والصيادين في جميع أنحاء مناطق الأمازون. تقول "باشواليني فرياس"، مُحلّلة بمجال صون الطبيعة: "إننا بصدد اختبار جهاز يهدف إلى إبعاد الدلافين عن شباك الصيد. سيعمل ذلك على تخفيف صيد الدلافين بالخطأ.. كما سيسمح للصيادين بإمساك مزيد من الأسماك والحد من الضرر الذي قد تلحقه الدلافين بشباكهم".

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

يُصور هذا "البورتريه العائلي" الذي نحَتَه "روبرتو أهواناري ليون" دلفينَ نهر ورديًا وامرأة وطفلهما؛ ويُجسِّدُ القدرة السحرية المزعومة للدلفين التي تمكّنه من التحول إلى رجل

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

يمكن أن تبدو أجسام الدلافين الوردية المميزة برتقاليةً زاهية تحت المياه البنية للغابة المغمورة بالمياه. يقول تروخيو: "يُدهشني أن بعض الناس ما زالوا يظنون أن الدلفين من الأسماك. فالفقاعات تُظهر أن هذا حيوان ثديي يتنفس في مياه الأمازون".

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

يقف تروخيو لدى شجرة تحمل في أغصانها بعضًا من جماجم الدلافين الـ67 التي عثر عليها خلال عمله الميداني. عندما تفيض الأنهار على الغابات في كل عام، تسبح الدلافين على مستوى هذه الفروع والأغصان. يرسل تروخيو جل هذه العيّنات التي يجد إلى مجموعات العيّنات الوطنية في كولومبيا، لمزيد من الدراسة.

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

في جنوب كولومبيا، يصنع حِرَفيو قبيلة "تيكونا" أقنعة الدلافين الوردية من لحاء أشجار "اليانشاما" ويرقصون حول النار وهم ينشدون الأغاني التي تستحضر دور الدلافين في منظورهم عن الكون. احتلت هذه الكائنات مكانة مركزية على مرّ أجيال ضمن أساطير المجتمعات الأصلية عبر مناطق الأمازون.

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

يسبح دلفين أنهار وردي في المياه الضحلة لغابة غمرتها المياه في نهر "أرياو" بالبرازيل. وتتيح له بِنيته الجسدية الفريدة السباحة بسهولة عبر هذه المياه؛ إذ يتجول جيئة وذهابًا بين فروع الأشجار المغمورة، بفضل زعنفته الظهرية الضيقة وخطمه الطويل وزعانفه الكبيرة المرنة. يقول عالم الأحياء البحرية فرناندو تروخيو: "إنه باختصار يحلق بين الأشجار، ملاحِقًا الأسماك".

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

سواء أَرأينا الدلافين الوردية أشباحًا تُغيّر أشكالها أم لعنةً تؤْذي الصيادين، تبقى هذه الكائنات مهيمنة على مشهد الأمازون ومصباته. ولكن مع تغير المشهد البيئي للمنطقة، بات مستقبل أكبر دلافين المياه العذبة في العالم هذه.. على كف عفريت.

قلم: جوردان سلامة

عدسة: توماس بيشاك

1 أكتوبر 2024 - تابع لعدد أكتوبر 2024

على طول أنهار حوض الأمازون، يروي شعب "تيكونا" الأصلي قصصًا عن الدلافين. وتقول إن هذه المخلوقات التي تعيش في المياه العذبة ما هي في الواقع إلا مجموعة حراس أشقياء لمملكة تحت الماء، يمكن أن يتحولوا إلى بشر، ويخفوا خياشيمهم تحت القبعات، ويسحروا النساء ليأخذوهن إلى مدنهم تحت الماء. كما أنهم يترددون إلى المياه الضحلة المشوبة بالعفص على مقربة من الشط ليسرقوا الأسماك من شباك الصيادين. من بين أنواع الدلافين الستة التي تعيش في المياه العذبة، يوجد اثنان فقط خارج آسيا. كلاهما متوطن في أميركا الجنوبية، وتحديدًا في حوض نهرَي الأمازون وأورينوكو. وهذان الدلفينان هما دلفين نهر الأمازون (Inia geoffrensis) المعروف باسم دلفين النهر الوردي وبالإسبانية بلقب "بوتو" أو "بوفيو" (يَظهر نطاق وجوده على الخريطة أدناه)، وقريبه الأصغر الرمادي، دلفين "توكوكسي" (Sotalia fluviatilis). وكلاهما مصنف أيضًا على أنه كائن مهدد بالانقراض، إذ تعرضا لانخفاض حاد في أعدادهما خلال الأعوام الأخيرة نتيجة للصيد وبناء السدود، والجفاف. على أنّ دلفين "بوتو" المميز هو الأشهر، ربما بسبب مظهره غير المعتاد؛ إذ يتميز بجسم وردي اللون ورأس مدور كالبطيخ وخطم مسنَّن باسم. ويمكنه التنقل برشاقة عبر متاهات الأشجار التي تغمرها المياه خلال موسم الأمطار في الأمازون، حين ترتفع مستويات المياه إلى 12 مترًا. كما أنه أكبر أنواع الدلافين التي تعيش في المياه العذبة بالعالم، إذ يصل طول بعض الذكور منه إلى 2.7 متر وقد يزن 180 كيلوجرامًا. وتعتمد هذه الدلافين على حدة البصر وتحديد المواقع بالصدى للتنقل بحثًا عن فرائسها. وتساعدها الشعيرات الصغيرة الموجودة في الخطم أيضًا على معرفة طريقها في الأماكن الضيقة، وبخاصة عندما تصبح المياه عكرة. وقد كرّس عالم الأحياء البحرية "فرناندو تروخيو"، الحاصل على "جائزة أفضل مستكشف" لعام 2024، الممنوحة من "الجمعية الجغرافية الوطنية" بشراكة مع شركة "روليكس"، حياته لدراسة دلافين الأنهار في أميركا الجنوبية وحمايتها. ويقود تروخيو، بالتعاون مع زميلتَيه المستكشفتَين لدى ناشيونال جيوغرافيك، "ماريانا باشواليني فرياس"، المُحللة في مجال صون الطبيعة و"ماريا خيمينا فالديراما"، الطبيبة البيطرية، رحلات جماعية لإجراء تقييمات صحية ومراقبة حالة مجموعات الدلافين ضمن نطاق وجودها الأوسع، وبالتالي مراقبة صحة المنظومة البيئية التي تعيش فيها. فحيث تزدهر مجموعات الدلافين، فذلك يعني أن ثمة مجموعات أسماك سليمة تُشكل قوْتَها. وحيث تعاني الدلافين، فذلك يعني وجود أمر سيء في الغالب؛ سواء أكان ارتفاع درجات حرارة السطح، أم السدود حديثة البناء التي تمنع هجراتها، أم تصريف مادة الزئبق التي تلوث موئلها. ولذلك كله، يحب تروخيو أن يلقب دلافين النهر باسم "سفراء الأمازون". وعلى المستوى المحلي والعالمي، يعمل على ترسيخ شعور بالمسؤولية الجماعية عن حفظ سلامة وازدهار هذه الحيوانات وبيئتها. وفي مجتمعات الصيد الصغيرة، يتعلق الأمر أيضًا بتغيير التصورات

من النهر إلى البحر

من النهر إلى البحر

مصب نهر الأمازون ليس مجرد نهاية لأقوى أنهار العالم وأكثرها عنفوانًا، بل هو أيضًا بداية لعالم مدهش يصنعه الماء.

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

رمـوز، أساطير، محتالة.. وسارقة

سواء أَرأينا الدلافين الوردية أشباحًا تُغيّر أشكالها أم لعنةً تؤْذي الصيادين، تبقى هذه الكائنات مهيمنة على مشهد الأمازون ومصباته. ولكن مع تغير المشهد البيئي للمنطقة، بات مستقبل أكبر دلافين المياه...

غابات تحت الماء

استكشاف

غابات تحت الماء

يراقب عالِمان ضغوط الفيضانات في غابات الأمازون المنخفضة.. ويسابقان الزمن لحمايتها ضد الظروف البيئية الشديدة التي ما فتئت تتزايد على مر السنوات.