رجل يرسل نفسه بالبريد إلى الحرية

رسم تخيلي للحظة خروج "هنري براون" من الصندوق الذي سافر بداخله من ولاية فرجينيا إلى بنسلفانيا. الصورة: Courtesy Library of Congress

رجل يرسل نفسه بالبريد إلى الحرية

بعد أن أمضى 35 عامًا من عمره عبدًا لمالك مزرعة بولاية فرجينيا الأميركية، نجح "هنري براون" في إرسال نفسه بالبريد إلى الحرية؛ ليغدو بعدها رمزًا للإرادة الحرة ويُظهر للولايات المتحدة ما يمكن إنجازه من خلال البريد.

18 مارس 2022

لم يذق "هنري براون" طعم الحرية منذ ولادته عام 1815، إذ فتح عينيه على الحياة عبدًا، وعمل في الزراعة والحصاد لسنوات طوال. في شهر أغسطس من عام 1848، عاد "براون" من يوم عمل شاق إلى مخدعه؛ ليجد أن المالك قد باع زوجته وأولاده الثلاثة لمالك مزرعة في كارولينا الشمالية الأميركية. يقول "براون" لاحقًا في أحد كتاباته أن فكرة الفرار حضرته أثناء الصلاة، مناجيًا ربه أن يرشده إلى الصواب، بعد فقد زوجته وأطفاله.. هنا سمع هذه الكلمات "اذهب وأحضر صندوقًا، وضع نفسك في داخله". وكان هذا ما فعله بالضبط.

أوصل الطرد الذي احتوى "براون" إلى منزل "ويليام جونسون"، وهو في ظاهر الأمر حلاق في ولاية فيلادلفيا، أما عمله الحقيقي فقد كان جزءًا من شبكة خفية مهمتها تهريب العبيد من الجنوب إلى الشمال الأميركي

كان الصندوق الذي حضره "براون" لخطته الخطيرة بطول 90 سنتيمترًا وعرض 60 سنتيمترًا مع ثلاث فتحات جانبية للتنفس. في شهر مارس من عام 1849، قام "براون" بحشر نفسه داخل الصندوق مع بعض المياه والبسكويت وأداة حادة لإحداث ثقوب تنفس إضافية إذا ما دعت الحاجة. رغم التوجيه المكتوب على الصندوق بوضوح "هذا الجانب للأعلى برفق"، فقد قلب أحدهم الصندوق في إحدى المحطات، وأمضى "براون" جزءًا من الرحلة المحفوفة بالمخاطر رأسًا على عقب. بعد سفر دام 27 ساعة ومسافة 550 كيلومتر؛ سمع "براون" أخيرًا الصوت الذي كان يتوق إليه، قرع على باب وموافقة متسلم الطرد الثقيل؛ نعم لقد وصل إلى الحرية. أوصل الطرد الذي احتوى "براون" إلى منزل "ويليام جونسون"، وهو في ظاهر الأمر حلاق في ولاية فيلادلفيا، أما عمله الحقيقي فقد كان جزءًا من شبكة خفية مهمتها تهريب العبيد من الجنوب إلى الشمال الأميركي عبر شبكة من الطرق والمخابئ السرية. أصبح "براون" بطلًا شعبيًا ومطلوبًا هاربًا ومتحدثًا بارزًا عُرف باسم "هنري بوكس براون". 
ونظرًا لقانون العبيد الهاربين عام 1850 الذي شجع القبض على العبيد وإرجاعهم إلى ملاكهم، اضطر "براون" للهرب إلى أوروبا حيث تجول مقدمًا عروضًا سحرية ومتحدثًا ضد العبودية. قصة فراره المذهلة فتحت أعين الشماليين على سبيل للتواصل مع الجنوبيين من خلال البريد لترسيخ فكر الحرية للجميع وإلغاء العبودية.

  • أطلق دعاة إلغاء العبودية في الشمال الأميركي حملة لإرسال آلاف النسخ من الصحف والمنشورات ضد العبودية إلى الجنوب عام 1835، ما أغضب السياسيين في الجنوب. رفض مدير مكتب البريد المعين فدراليًا حجب البريد، لكنه غض الطرف عن رفض بعض رجال البريد الجنوبيين تسليم هذه الطرود أو إحراقها في بعض الأحيان. الصورة: Courtesy Library of Congress

 

بدأ البريد الأميركي عمله عبر الولايات المتحدة منذ إقرار الدستور الأميركي عام 1789. وبدأت معه مخاوف استخدامه من قبل العبيد جنوبًا ودعاة إلغاء العبودية شمالًا منذ بداية القرن التاسع عشر عندما استُخدم العبيد لإيصال البريد. بحلول ثلاثينيات القرن الـ19، كان دعاة إلغاء العبودية يرسلون الصحف والمنشورات التحريضية إلى المصوتين في الجنوب من رجال الدين وغيرهم، ما دفع رجال البريد الجنوبيين إلى التنقيح عبر البريد وحرق المواد التحريضية. نتيجة لذلك ظهرت على الساحة شركة "آدامس إكسبريس" التي جذبت أنظار الشماليين بوصفها وسيلة آمنة للتواصل واستلام المعلومات من الجنوب، وكانت هذه هي شركة الشحن التي أوصلت صندوق "هنري براون" إلى الحرية.

استكشاف

عيــن تَرقُب السماء

عيــن تَرقُب السماء

في ولاية ويسكونسن، عاود أكبر تليسكوب كاسر للضوء في العالم فتح أبوابه أمام الزوار.

حياة أخـرى.. متخيلــة

استكشاف

حياة أخـرى.. متخيلــة

ترى إحدى الكاتبات أن ناشيونال جيوغرافيك كانت بمنزلة بوابة الطفولة إلى ما يتيحه عالمنا من إمكانيات لا نهاية لها. وكانت أيضًا مصدر إلهام لكتابها الأخير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟