طورت الطيور والضفادع السامة أساليبها لتجنب الأذى، ولكن ليس بالطريقة التي كنا نظنها في السابق.
18 أغسطس 2021
في غابات غينيا الجديدة، يعيش طائر صغير رتيب يُطلق عليه اسم " بيتوهوي المقنع" ذو ريش برتقالي وأسود ممزوج بسم قاتل. هذا يعني أن بمجرد لمس ريش هذا الطائر ستشعر وكأن يديك تشتعلان. ليس هذا فحسب بل إن التعرض لقليل من سم" الباتراشوتوكسين" الذي يطلق عليه اختصارًا BTX سوف يتسبب في توقف قنوات الصوديوم في جسم الإنسان عن العمل، ما يؤدي إلى الشلل ثم الموت.
يمكنك التفكير في هذه السموم على أنها نوع من الأدوية الطبيعية وتستخدمه بعض الحيوانات والطيور لحماية نفسها، إما عن طريق إزعاج الكائنات التي تحاول الفتك بها وإبعادها أو ربما قتلها، وبحسب "دانيال مينور"، عالم الفيزياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا،:" يعتقد العلماء أن بيتوهوي لا يصنع سمومه الخاصة، بل يكتسبها من فريسته الصغيرة الخنفساء، ويشتبه في وجود نفس الآلية في ضفادع السهام السامة في أميركا الوسطى والجنوبية، والتي تحمل أيضًا مادة BTX في جلدها ذي الألوان الزاهية". كل هذا يثير تساؤل مثير للاهتمام وهو كيف تحافظ الحيوانات السامة مثل بيتوهوي على عدم تسميم نفسها؟.
لعقود من الزمان، كانت أفضل نظرية هي أن الطيور والضفادع طورت قنوات صوديوم مكيّفة بشكل خاص - جزء من الجسم ضروري للأعصاب وخلايا الدماغ وخلايا العضلات لتعمل بشكل صحيح - وهي محصنة ضد BTX. ، فهناك العديد من الأمثلة على الحيوانات التي تتجاهل السموم بهذه الطريقة، مثل النمس المصري الذي يمكنه البقاء على قيد الحياة بعد تعرضه للدغة سامة من ثعبان الكوبرا. لكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم وظائف الأعضاء العامة نقضت هذه الفكرة.
يقدم الباحثون في الدراسة الجديدة دليلًا على أن الضفادع السامة تحتوي على ما يسمونه "الإسفنج السام" أو البروتينات التي تعمل على التخلص من السموم القاتلة قبل أن تسبب لها الأذى. في المختبر، أعاد " مينور" وزملاؤه تخليق الجينات المسؤولة عن قنوات الصوديوم في بيتوهوي والضفادع السامة ووضعوها في خلايا حية من أنواع مختلفة معرضة لـ BTX. استسلمت هذه الخلايا للسم، ما يشير إلى أن قنوات الصوديوم للحيوانات السامة ليست مقاومة لـ BTX. ومع ذلك، عندما قاموا بحقن الضفادع الحية من أنواع مختلفة بـ BTX ، نجت الضفادع السامة فقط.
يقول "مينور": "يعطينا هذا دليلًا على أن هناك شيئًا يحمي القنوات بشكل أساسي من رؤية هذا السم". نظريته الرائدة هي البروتين الإسفنجي، وهو شيء تعرف عليه من قبل في عام 2019، عندما وجد مختبر "مينور" إسفنجة سامة تمنح الضفادع الأمريكية مناعة ضد سم قوي آخر يسمى الساكسيتوكسين.
تقول "ريبيكا تارفين"، عالمة الأحياء التطورية في جامعة كاليفورنيا، والتي بحثت في كيفية تحمل الضفادع السامة لسم عصبي آخر يسمى إبيباتيدين،:" لقد فوجئت برؤية قنوات الصوديوم للضفادع السامة، فهي ليست حساسة لسموم الباتراكوتوكسين، وهو ما لم نتوقعه". لكنها حذرت في الوقت نفسه من المبالغة في تعميم النتائج.
على الرغم من أن طيور الجزر البعيدة وضفادع الغابات المطيرة قد تبدو كموضوع متخصص للدراسة، إلا أن كشف سحرها البيولوجي يمكن أن يكون له تطبيقات مفيدة للبشر في كل مكان. توضح "تارفين" أن السموم قد لعبت دورًا مهمًا تاريخيًا في مساعدتنا على استهداف بروتينات معينة واكتشاف وظيفة تلك البروتينات، كما أنها تعمل أيضًا كأساس لتركيب العقاقير الطبية. فعلى سبيل المثال تم إثبات أن أحد مكونات سم الضفدع يمتلك بعض التأثيرات المضادة للسرطان في الاختبارات المعملية، بينما تم استهداف السموم الرباعية الموجودة في مخلوقات مختلفة، من السمكة المنتفخة إلى سمكة النيوت، كمصدر لعقاقير مخدرة جديدة.
المصدر: National Geographic
تَعرض كاتبةٌ مصابة بعمى الوجوه تأملاتها بشأن التنقل وسط عالم مليء بالغرباء الودودين.
قبل أكثر من 5000 سنة، شرع الصناع الحِرَفيون في جزر "سيكلادس" اليونانية في نحت تماثيل رخامية صغيرة لنساء عاريات بأذرع مطوية وشعر مجعد وعيون محدقة واسعة.