وحيد مع الذئاب

جروٌ يحاول العضّ على ريشة، فيما يداعب آخرٌ أنفَ قائدة القطيع العجوز التي يُطلَق عليها اسم "وايت سكارف" (أقصى اليمين). بعد آخر عملية صيد معروفة شاركت فيها "وايت سكارف"، حرصَت على أن تأكل الجراءُ أولا؛ ثم اختفت في وقت لاحق في سهوب التُندرا. حاولت إحدى بناتها تولي منصب القيادة الشاغر.

وحيد مع الذئاب

بعد أن فرغ القطيع من الأكل، يسترخي لهضم الوجبة. تعيش الذئاب وفق أسلوب حياة "التخمة أو المجاعة". لا تنجح معظم محاولات الصيد، وتستطيع تلك البالغةُ الصمودَ بلا طعام مدة أسبوعين. عقب اصطياد فريسة، تأكل الذئاب ملء بطونها، إذ تلتهم ما يصل إلى 10 كيلوجرامات من اللحم دفعة واحدة. لن يمر وقت طويل قبل أن تستأنف الذئاب سيرها مرة أخرى.

وحيد مع الذئاب

بعد أن بلغ منه الجوع مبلغه، يجوب قطيع الذئاب منطقة "غريلي فيورد" بحثًا عن ثيران المسك والأرانب البرية القطبية. مع تجمد هذا المضيق شتاءً، تمتد أراضي الصيد الخاصة بالقطيع إلى ما وراء الجبال البعيدة.

وحيد مع الذئاب

صمد ثور المسك الصغير هذا في وجه الذئاب مدة 20 دقيقة قبل أن ينهار. بينما تكافح أنثى الذئب المدعوة "وان آي" (أقصى اليسار) لعض العجل وجذع أنفه، تهاجم الذئاب الأخرى الفريسة من الخلف. هذه هي الطريقة التي تتعلم بها الجراء ذات العام الواحد القتل، إذ تستهدف عموما ثيران المسك الصغيرة أو المتقدمة في السن أو العليلة. تبدأ الذئاب المفترسة أحيانًا في التهام فرائسها قبل نفوقها.

وحيد مع الذئاب

أمضى كاتب هذا التحقيق 30 ساعة مع قطيع من ذئاب القطب الشمالي؛ كانت كافية لتغيير فكرته -ومشاعره- إزاء مفترس التُندرا الأبيض هذا.

قلم: نيل شيا

عدسة: رونان دونوفان

1 أكتوبر 2020 - تابع لعدد أكتوبر 2020

خيّمَت أنوار الصبيحة الزرقاء على صقع من القطب الشمالي، حيث طفقت سبعة ذئاب تتزحلق فوق بركة مياه متجمدة وهي تطارد قطعة جليدية بحجـم قرص الهـوكي. وقد ملأ عواؤها وصرير أقدامها فضاء المكان. كانت البركة البرّاقة في تلك الساعة أشبه بمرآة للكون. فيما بدت الذئاب المغمورة بالسعادة وكأنها تنتمي إلى عالم آخر غير عالمنا. انطلقت أربعة جِراء بسرعة لتلاحق قطعة الجليد تلك ذهابا وإيابا عبر أرجاء البركة، فيما طاردتها ثلاثة ذئاب تكبرها سنا، حتى طرحت أجسامها الصغيرة على العشب المتجمد قرب شط البركة. "خرقاء".. هكذا كتبتُ حينَها في دفتر ملاحظاتي بحروف تكاد تكون غير مقروءة بسبب ارتعاش أناملي من البرد القارس.
 كان أكبر تلك الذئاب حجمًا، وهو ذكر عمره عام واحد، يتنمر على البقية بوزنه البالغ 30 كيلوجراما أو نحو ذلك؛ أما أصغرها حجمًا فكانت أنثى مولودة في العام نفسه، بحجم يماثل حجم وسادة صغيرة، وعينين محفوفتين بالسواد.  حلّق في السماء زوج من الغربان، ولم يكن ثمة صوت آخر يُسمع في سهوب التُندرا سوى نعيقهما وأصوات الذئاب ونقر مخالبها الحادة على الجليد. في نهاية المطاف، انزلق قرص الجليد واستقر فوق العشب، فلحق به كبير الجراء وحوّله إلى أشلاء صغيرة. وقفَت بقية الجراء تراقب المشهد برؤوس محنية على جانب واحد، كما لو أنها فوجئت بجرأة الجرو الأكبر. بعدها بدأت أنظار الذئاب، واحدا تلو الآخر، تتحول نحوي أنا. إنه إحساس يَجلُّ عن الوصف: أن يكون المرء في مرمى النظرات المُركّزة لقطيع حيوانات مفترسة؛ نظر يطول بما يكفي ليجعل المرء يستمع إلى عشرات من دقات قلبه وهي تهز كيانه. في العادة، لا يكون البشر هدفا مباشرا لمثل هذه النظرات التقييمية، لكن جسمي بدا على دراية فطرية بما يمكن أن يَصدر من هذا الحيوان المفترس؛ لذا وجدتُني أرتجف مرة أخرى.. ليس بردًا. فعلى الرغم من أن هذه الذئاب كانت قبل بضع دقائق كائنات مرحة، إلا أنها تبقى مخلوقات وحشية؛ إذ كانت فراؤها البيضاء لا تزال ملطخة بأثر الدماء. والجيفة التي تغذت عليها، وهي لثور مسك يكبرني حجما عدة مرات، كانت ملقاة في الجوار وقد نتأت منها عظام القفص الصدري مثل مروحة مفتوحة باتجاه السماء. 
راقبتـني الذئــاب بصمت، رغم تواصلها مع بعضها بعضا بحركات من آذانها وذيولها. كانت بصدد اتخاذ قراراتٍ ما. بعدها بلحظات قررَت الاقتراب. ما من مكان آخر على الأرض يمكن أن يحدث فيه مشهد كهذا. لهذا السبب سافرتُ إلى جزيرة "إليسمير" في الجزء الكندي من القطب الشمالي، للانضمام إلى طاقم تصوير فيلم وثائقي. إنها منطقة نائية جدا وباردة للغاية شتاءً؛ ما يجعلها عصيَّة على زيارة البشر إلا فيما ندر. على ساحل الجزيرة الغربي، تقع محطة طقس تدعى "يوريكا"، يديرها على مدار العام فريقٌ يتكون من زهاء ثمانية أفراد. وما عدا هؤلاء، فإن أقرب مجتمع بشري إلى هنا (يبلغ تعداده 129 شخصا) يقطن قرية "غرايز فيورد" الواقعة على بعد 400 كيلومتر إلى الجنوب. وراء هذه القرية بنحو  1600 كيلومتر، ينتصب أقرب نبات

وحيـش يأبى الثبات

وحيـش يأبى الثبات

ترقُّبُ اكتشافات الديناصورات يعني أن وجهة النظر بشأنها لا تفتأ تتغير.

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

استكشاف

مــاذا لــو اختفــت الشمس.. الآن

وُهِبنا في هذه الحياة، نحن البشر وسائر المخلوقات الأخرى، أشياء مجانية كثيرة؛ لعل من أبرزها ضوء الشمس. ولكن هل تساءل أحدٌ منّا يومًا عمّا سيحدث لو أن الشمس اختفت من حياتنا؟

لحظات مذهلة

لحظات مذهلة

يحكي مصورو ناشيونال جيوغرافيك، من خلال سلسلة وثائقية جديدة تستكشف عملهم، القصصَ التي كانت وراء صورهم الأكثر شهرة.