24 مارس 2020
سكاي نيوز عربية
تشير الدراسات إلى أن الشباب أقل عرضة للإصابة بأمراض خطيرة، ولكن باعتبارهم "الناقل غير المرئي"، فقد يكونون مفتاحا أساسيا في انتشار فيروس كورونا الجديد. ومع بدء تفشي فيروس كورونا في العالم، كان المرض مصدر قلق بشكل رئيس لأولئك الذين تزيد أعمارهم على 70 عاما، أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، لذلك كانت هذه هي المجموعات التي تم حثها في البداية على "التباعد الاجتماعي". غير أنه لوحظ أيضا أن الفيروس الجديد يمكن أن يصيب الشباب بالمرض الخطير، بحسب ما ذكر "جوناثان بول"، أستاذ علم الفيروسات الجزيئية لدى جامعة "نوتنغهام". كذلك اتضح أيضا -وعلى نحو حاسم- أنه على الرغم من أن غالبية الشباب والأطفال سوف تظهر عليهم أعراض أسوأ قليلا من أعراض الأنفلونزا، إلا أنهم يمكن أن يكونوا حاملين غير مرئيين للفيروس، وبالتالي فهم يلعبون دورا رئيسا في انتشاره.
وكانت الدراسات من الصين قد أظهرت أنه نادرا ما يتم تشخيص الأطفال بالإصابة بفيروس كورونا، وبالتالي من المفترض أن يكون لهم دور ضئيل في انتشار المرض. واتجهت معظم الجهود التشخيصية في الصين -وخاصة في المراحل الأولى من تفشي المرض- نحو المرضى الذين يدخلون المستشفيات، حيث شملت غالبية الحالات مرضى بالغين، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية. ولكن هل هذا يعني ذلك أن الأطفال والشباب لم يصابوا بالعدوى، أم أنهم عانوا من أعراض أكثر اعتدالا، ولم يتم اكتشافها؟ يقول جوناثان، إنه والعديد من زملائه، لم يتمكنوا من رؤية أي سبب واضح لعدم إصابة الأطفال بالفيروس، خصوصا وأنه "ينتشر عن طريق الجهاز التنفسي، وليس من خلال عملية فريدة تستهدف البالغين فقط"، وبالتالي فإذا أصيب عدد كبير من الأطفال بالعدوى وتعرضوا لأعراض طفيفة جدا تشبه البرد، فإن قدرتهم على نشر الفيروس ستكون هائلة.
وأحد الاختلافات الرئيسة بين فيروس كورونا الجديد وفيروسي ميرس وسارس، هو أن الأشخاص المصابين بـ "كوفيد-19" قد تظهر لديهم أعراض خفيفة فقط، مما يجعل اكتشافه أكثر صعوبة، إذ مع السارس كانت الإصابة بالالتهاب الرئوي سريعة، وبالتالي كانت مهمة تحديد من يعانون من أعراض شديدة وعزلهم سهلة نسبيا، وهذا ما جعل التحكم به من خلال تحديد الحالة وتتبع الاتصال سهلا نسبيا. أما في حالة الفيروس الجديد، ففي أكثر من 85 بالمئة من الحالات المؤكدة، هناك احتمال لعدم اكتشاف الأعراض أو الخلط بينها وبين نزلات البرد المعتادة من الإنفلونزا. وبعيدا عن عدم الإصابة بهذا الفيروس، يمكن أن يكون الأطفال في الواقع حاملين غير مرئيين له، وبالتالي "وصلات" مهمة في سلاسل انتقاله في المجتمع. ويعتقد جوناثان أنه ما تزال هناك قطعة مهمة من "أحجية الصورة الناقصة"، ففي حين يشك الكثير من العلماء في أن للأطفال دورا رئيسا يلعبونه في هذا التفشي "فإن الأدلة القوية لدعم هذا الاعتقاد لا تزال غير موجودة"، على حد قوله.
وفي أكبر دراسة من نوعها، قام الباحثون الصينيون بفحص نتائج الإصابة بالفيروس الجديد في أكثر من 2000 حالة مؤكدة أو مشتبه بها في مرحلة الطفولة، وتبين أن ما يزيد قليلا على نصف الأطفال ظهرت لديهم أعراض خفيفة تشبه البرد، أو لم تظهر عليهم أعراض على الإطلاق. وعلى الرغم من تسجيل إصابات شديدة وحرجة بالمرض عند نحو 5 بالمئة من الأطفال الذين تمت دراستهم -عمر أصغرهم أقل من عام واحد- حيث كانت مستويات الأوكسجين في الجسم منخفضة بينما تتعرض الأعضاء المختلفة للتهديد، فإن هناك فجوات كبيرة لا تزال في هذا التحليل. والأهم من ذلك، تم الاشتباه في معظم هذه الحالات بدلا من تأكيد الإصابات بالفيروس، وفقا لما يقوله جوناثان، مشيرا إلى أن هذه الدراسة تؤكد على الأقل أن معظم حالات العدوى لدى الأطفال خفيفة.
ولذلك السبب يعتقد العلماء -بناء على تفشي الأوبئة السابقة- أن إغلاق المدارس يمكن أن يكون وسيلة فعّالة للحد من انتشار الفيروس، خاصة عندما تكون جزءا من برنامج أكبر لإجراءات "التباعد الاجتماعي". ففي كل يوم دراسي عادي، يتجمع الأطفال بشكل جماعي، غالبا ما يكونون على مقربة من بعضهم بعضا ثم يعودون إلى منازلهم، حاملين معهم أي إصابة جديدة التقطوها؛ ومن هنا فإن إجراء إغلاق المدارس سيساعد على إبطاء تفشي الفيروس. ويعتقد جوناثان أنه، كما هو الحال مع معظم الأشياء في هذا الوباء، فإن فكرة أن "فيروس كورونا الجديد يهدد فقط كبار السن هي تبسيط مفرط". وأضاف قائلا: "على أنه من غير المرجح أن يموت الشباب والأطفال بسبب فيروس كورونا الجديد، فإن أعراضهم الخفيفة يمكن أن تجعلهم حاملين للفيروس، وهو أمر يعد اكتشافه أكثر صعوبة".