الخليج - عبير حسين
حذر تقرير علمي حديث نشرته مجلة Nature، من التهاون أو التقاعس في تنفيذ مقررات قمة باريس للمناخ 2015، والتي تعهدت فيها 200 دولة بالعمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري، والتي تعد المتهم الرئيس الأول، في ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى ما يقارب من درجتين مئويتين، عن فترة ما قبل عصر الثورة الصناعية الأولى.
دعا فريق الدراسة الذي يضم عدداً من أهم علماء المناخ، برئاسة البروفيسور مايكل مان، من جامعة ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة، إلى إعادة النظر في التقديرات السابقة لتقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC، والذي توقع ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بنسبة تتراوح بين 2.6 و4.8 بحلول عام 2100، إذا استمرت سياسات التصنيع العالمية الحالية في الاعتماد بشكل رئيس على الوقود الأحفوري. وصدم مان وفريقه العالم، بتوقعات تشاؤمية، يرتفع فيها متوسط درجة الحرارة، إلى ما بين 5.8، إلى 7 مئوية، بحلول عام 2100، وهو ما يهدد بقاء الحياة ذاتها على الأرض، وينذر بتحولها إلى كوكب آخر يشبه "الزهرة"، التي تعد أقرب الكواكب شبهاً بالأرض، لكنه غير قابل لاستضافة أي شكل للحياة على سطحه، بسبب الارتفاع الشديد لحرارته، لقربه من الشمس، والتي تصل إلى 460 مئوية.
خطر حقيقي
البروفيسور دوغ بار-خبير المناخ وعضو فريق التقرير وحركة "غرينبيس"- قال: "إن أكثر ما يثير القلق اليوم هو عدم إدراك بعض الدوائر المهمة عالمياً لخطورة التغير المناخي، فقضايا البيئة الحيوية لم تعد ترفاً، ولسنا بحاجة للعودة إلى المربع صفر، عند مناقشتنا لمخاطر ارتفاع درجة حرارة الأرض"، وأضاف: "عملنا بجهد طوال 15 عاماً مع عدة فرق علمية لرصد مخاطر التطرف المناخي، ما بين التصحر في جهة، والفيضانات في جهة أخرى، ورصدنا أرقاماً حقيقية لانهيارات جليدية وذوبان واسع لمساحات هائلة من الجليد في أقصى شمال الأرض وجنوبها، ونحتاج الآن لتنفيذ خطط إنقاذ سريعة، لمواجهة التدهور الكبير الذي يعانيه كوكبنا".
وعلى الرغم من تلاشي الظاهرة المناخية العالمية المسماة بالنينو "El Nino"، والمسببة لارتفاع درجات الحرارة، إلا أن التقارير المناخية الدورية لكل من وكالة "ناسا"، و"المنظمة العالمية للأرصاد الجوية"، أشارت أيضاً إلى أن يوليو الماضي، كان الأعلى حرارة في تاريخ الأرض. وأشارت التقديرات، إلى أن ذلك الشهر كان الأكثر دفئاً بدرجة 0.84 مئوية، عن المعدل العالمي للفترة بين عامي 1950 و 1980.
26 مليون فقير سنوياً
أشار البنك الدولي في أحدث تقاريره السنوية، إلى أن الكوارث الطبيعية، تدفع نحو 26 مليون شخص إلى الفقر كل عام، وتتسبب في خسائر اقتصادية تزيد على 500 مليار دولار. وجاء التقرير متزامناً مع انعقاد أعمال الدورة الأخيرة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الإطار للأمم المتحدة، حول المناخ "كوب 22"، التي شارك فيها أكثر من 40 رئيس دولة، و30 رئيس حكومة في مراكش بالمغرب مؤخراً، وهدف إلى وضع خريطة طريق واتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة التغيرات المناخية، التي تهدد مستقبل العالم، عبر تنفيذ اتفاق باريس التاريخي حول المناخ. وحذّر التقرير من أنّ الأرقام سترتفع خلال العقود المقبلة، نظراً لأن التغير المناخي سيضاعف القوة التدميرية للإعصارات والفيضانات وموجات الجفاف. وبحسب التقرير الصادر بعنوان "بناء صمود الفقراء في مواجهة الكوارث الطبيعية"، فإنّ الحسابات العالمية للأضرار، التي تلحقها الطبيعة بالمجتمعات، لم تأخذ في الحسبان تفاوت الثروة، ولا المنهجية الجديدة في الحساب، التي لها تأثيرات كبيرة على الطريقة الأفضل لإنفاق المال لجعل المدن والمناطق الريفية أكثر صموداً. وقال ستيفان هاليغات، وهو كبير معدي التقرير: "إنّ خسارة دولار واحد، تؤثر على الفقراء والمهمّشين أكثر بكثير، لأنّ مصادر رزقهم تعتمد على أصول قليلة". وقدرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة، في 117 من الدول الغنية والنامية، بأنّ إجمالي الخسائر العالمية من الأصول، نتيجة الكوارث الطبيعية، نحو 327 مليار دولار في العام.
انتهى