حسين الموسوي
لحظات قبل كتابة كلماتي هذه، جلست في مكتبي المنزلي زهاء نصف ساعة، لا لإنجاز عمل مُلِحّ ولكن لإيواء قطتي في حضني.
لحظات قبل كتابة كلماتي هذه، جلست في مكتبي المنزلي زهاء نصف ساعة، لا لإنجاز عمل مُلِحّ ولكن لإيواء قطتي في حضني. ولقد اعتادت ذلك منذ ولادتها إذْ تلازمني كلما جلستُ خلف حاسوبي؛ على أن مستوى المودة والتعلّق ينخفض لدى هذه المخلوقات مع تقدمها في السن. ودائمًا ما أجدُني عاجزًا عن النهوض من مكاني أو حتى نقلها إلى مكان آخر؛ فأضطر في الغالب للعمل بتلك الوضعية غير المريحة جسديًا.. ولكنها مفعمة بالطمأنينة النابعة من صوتها الحنون. في قرارة نفسي، أدرك تحيزي تجاه هذا المخلوق الجميل. لست منفردًا بشعوري هذا الذي يمكن رصده في عدد كبير من حسابات التواصل الاجتماعي المعنية بسلوك القطط. وبصورة عامة، فإن انجذاب نوعنا البشري إلى مملكة الوحيش محكومٌ بالقوانين والمعايير ذاتها التي نطبق على أنفسنا. فالقطط بطبيعتها تُجسِّد لُطف الأطفال ووداعتهم، والأُسْد تجذبنا بسبب قوّتها وسيادتها، أما الصقور فلها شموخٌ يداعب ذواتنا. ولذا يمكننا القول إننا متحيزون في حب كائنات بعينها، لا لأهميتها بيئيًا بل لشكلها أو سلوكها؛ وهو تحيز يمتد أحيانًا إلى علماء الحيوان. فهل من الإنصاف أن نُعامل الحيوانات بمعاييرنا البشرية التي تؤطر حياتنا؟ فنحن بمقدورنا تغيير سلوكنا والتحكم بمعطيات من شأنها أن تؤثر في نظرة الآخرين تجاهنا؛ لكن ذلك معدومٌ لدى تلكم المخلوقات التي لا حول لها ولا قوة سوى فطرتها. في موضوع غلاف هذا الشهر، نقدم لكم جزءًا يسيرًا من مشروع ناشيونال جيوغرافيك، "فُلك الصور" للمصور الفوتوغرافي "جويل سارتوري" الذي التقط حتى اليوم أكثر من 16 ألف بورتريه لكائنات لدى حدائق الحيوان وأحواض السمك والمحميات. في طي صفحاته، ترون حيوانات ربما لم تروها من قبل.. حيوانات لم تنصفها الثقافة الشعبية، لكن لها من الأسرار والأهمية ما لم ينله غيرها من "نجوم" الغاب.
أرجو لكم قراءة مستنيرة!