أكبر حيوان في فصيلة الكلبيات يثير مشاعر الهيبة والغموض. نستعرض معًا بعض أبرز حالات سوء الفهم الشائعة حول الذئاب
29 يناير 2025
زخرت القصص الشعبية لآلاف السنين بقصص عن الذئاب، كان بعضها حقيقيًا والكثير منها خرافيًا. ومن أشهر هذه القصص؛ الذئب الكبير المخادع في قصة (ذات الرداء الأحمر)، وأساطير المستئذبين الذين يصطادون فرائسهم عند اكتمال القمر. تطرأ تغيرات مختلفة على القصص والحكايات مع مرور الوقت. فعلى سبيل المثال، يأكل الذئب الجدة في بعض من كتب الأطفال الحديثة. وهذه القصص ترسم صورة نمطية سيئة عن الذئب. لا تزال الطريقة المتشائمة التي ينظر بها الناس إلى الذئاب تثير الكثير من الجدل، خاصة عندما تتعرض الحيوانات للقتل. في شهر فبراير، غرب وايومنغ، صدم رجل يُدعى "كودي روبرتس" ذئبًا يافعًا بعربته الثلجية، ثم أغلق فمه بشريط لاصق، واستعرض جسده حول حانة محلية قبل إطلاق النار عليه، وفقًا لمسؤولي الولاية والمقاطعة. على الرغم من أن ولاية وايومنغ، التي تعد موطنًا لأكثر من 350 ذئبًا كجزء من نظام يلوستون البيئي الكبير، لا تُعرف بحبها للذئاب، إلا أن هذا الفعل كان مروعًا لدرجة أن مجتمع الصيد نفسه في الولاية عارضه بشدة. انتشرت صور الحادثة على نطاق واسع في أبريل الماضي، وأثارت غضبًا دوليًا واسعًا. يقول "بريان نيسفيك"، مدير إدارة الأسماك والألعاب في وايومنغ: "لقد خرج شخص ما وارتكب فعلًا يراه الجميع تقريبًا أمرًا غير معقول. لقد تحدثت مع مئات الأشخاص، ولم يصادفني شخص واحد يقول إن هذا فعل مقبول بأي شكل من الأشكال". إن الأساطير المتجذرة التي تصور الذئاب كأشرار في أي قصة قد تؤدي في كثير من الحالات إلى سوء فهم أوسع نطاقًا. طلبت ناشيونال جيوغرافيك من نيسفيك وغيره من الباحثين في مجال الذئاب تفنيد بعض الأساطير الأكثر شيوعًا عن الذئاب.
الأسطورة الأولى: الذئاب تَقتُل من أجل المتعة
في حين لا يدّعي أي باحث متخصص في دراسة سلوك الذئاب أنه يفهم مشاعر هذا الحيوان البري الانطوائي، فإن فكرة أن الذئاب تقتل من أجل المتعة لا تستند إلى الواقع. تعيش الذئاب على حافة نقص التغذية، فهي لا تتضور جوعًا وفي الوقت ذاته لا تراكم الدهون في أجسادها، وفقًا لما ذكره "كين ميلز"، عالم الأحياء المتخصص في دراسة سلوك الذئاب في حديقة وايومنغ للألعاب والأسماك. ويقول: "إنهم أشبه بعدائين الماراثون النحيفين. فعليهم قطع أميال طويلة للعثور على فريسة معقولة ومن ثم الإمساك بها بأفواههم، ثم الإجهاز عليها وقتلها، وهذا أمر ليس سهلًا على الإطلاق". علاوة على ذلك، فإن صيد الفرائس الكبيرة مثل الأيائل والموظ يشكل خطرًا كبيرًا على الذئاب. في يلوستون، حيث لا يستطيع البشر اصطياد الذئاب، تُعَد الإصابات التي تحدث أثناء عمليات الصيد الكبيرة السبب الرئيس الثاني لوفاة الحيوانات اللاحمة، كما تقول "كيرا كاسيدي"، الباحثة في مشروع (يلوستون وولف) لدراسة الذئاب، وهو أحد أطول الدراسات عن الذئاب وأكثرها تفصيلاً في العالم. وتضيف كاسيدي: "لا تنجح قطعان الذئاب في محاولات الصيد الخاصة بها إلا بنسبة صغيرة، لا تتجاوز بشكل عام من 10 إلى 20 بالمائة". وتذكر أنه نظرًا لأن العثور على الطعام ليس مضمونًا، فإذا كانت هناك فريسة يمكن الوصول إليها أمامهم، فسوف يقتلونها. ما لم يتم صرف الذئاب من قبل البشر أو قطيع ذئاب آخر، فسوف يواصلون العودة مرارًا وتكرارًا لالتهام الفريسة المقتولة حتى تختفي تمامًا. على مدار 23 عامًا من العمل مع الذئاب في وايومنغ وميشيغان وأونتاريو ونيو مكسيكو، لم يحقق ميلز إلا في حادثتين قتلت فيها ذئاب أكثر مما يمكنها تناوله من الحيوانات، بما في ذلك الحادثة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، وهي قتل قطيع من الذئاب 19 أيلًا في وايومنغ.
الأسطورة الثانية: الذئاب مُنقذة النظم البيئية
منذ أن أعاد العلماء إدخال الذئاب إلى منتزه يلوستون الوطني في التسعينيات، ظل مفهوم السلسلة الغذائية حاضرًا. وتكمن فكرته الأساسية في أنه عندما لا تعيش الذئاب في مساحات الطبيعة، فإن الحيوانات ذوات الحوافر مثل الغزلان والأيائل والموظ تصبح وفيرة وتلحق الضرر بالمروج والجبال ومناطق الأراضي الرطبة. إلا أن الأبحاث الحديثة تظهر أن الأمر ليست بهذه البساطة. لقد تغيرت الأنظمة البيئية مثل يلوستون تغيرًا جذريًا بعد إخراج الذئاب (والدببة الرمادية) منها، لدرجة أنها، لم تتمكن من العودة إلى حالتها السابقة بمجرد إعادة هذه الحيوانات المفترسة، على الأقل في بعض الأماكن، وذلك وفقًا لبحث نُشر في مجلة الدراسات البيئية الشاملة. وتوصل هذا العمل، الذي استند إلى 20 عامًا من البحث في يلوستون، إلى أن هذه المساحة الطبيعية في "حالة مستقرة بديلة"، ولم يعد إلى سابق عهده. تقول كاسيدي: "تُعَد الذئاب عنصرًا مهمًا في النظام البيئي الصحي، لكن وجودها ليس العامل الحاسم الوحيد في صحة المنطقة أو استقرارها أو صمودها".
الأسطورة الثالثة: الذئاب تهاجم البشر
قد تُشير بعض أفلام الأطفال مثل "الجميلة والوحش" إلى أن الذئاب تشكل خطرًا على البشر. ولكن في الحقيقة، من النادر للغاية أن يهاجم الذئب إنسانًا، فقد توفي شخصان في مواجهات مع الذئاب في أميركا الشمالية على مدار القرن الماضي بأكمله. من الناحية الأخرى، يقتل البرق حوالي 28 أميركيًا سنويًا. تعيش الذئاب الرمادية في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، من الولايات المتحدة وكندا عبر أوروبا وآسيا، وتندر المواجهات مع البشر في مثل هذه البيئات. تقول كاسيدي: "من تجربتي، أرى أن الذئاب تخاف من البشر خوفًا شديدًا. أو بتقدير آخر، هم حذرون للغاية لدرجة أن معظم الناس لن يروا أي ذئب بسهولة".
الأسطورة الرابعة: إذا أُتيحت لها الفرصة، فستُهلِك الذئاب القُطعان البرية
لقد تطورت الذئاب الرمادية في أميركا الشمالية، وفرائسها من ذوات الحوافر الكبيرة مثل الغزلان والأيائل والموظ والبيسون، معًا إلى حد كبير لعشرات الآلاف من السنين. مع تحسن مستوى الذئاب في الصيد، أصبحت الأيائل أبرع في تكتيكات الدفاع والهروب. تقول كاسيدي: "إن هذا التطور المترابط المذهل هو السبب في أن أنواع الفرائس مثل الأيائل كبيرة وسريعة وذكية. كما أن الأيائل الفردية التي لم تكن أكثر عرضة للقتل، أصبحت بالتالي أقل عرضة لنقل جيناتها للأجيال التالية".
أكبر حيوان في فصيلة الكلبيات يثير مشاعر الهيبة والغموض. نستعرض معًا بعض أبرز حالات سوء الفهم الشائعة حول الذئاب
أعلنت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية عن نجاحها في إعادة توطين الحمار البري الفارسي في المملكة، مُسجلةً بذلك عودة هذا النوع إلى أحد موائله الفطرية بعد غيابٍ امتد لأكثر من قرن.
حصريًا لمجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية – لمحة سريعة عن تحقيق سيصدر قريبًا عن النمر العربي، حيث سيلتقي القراء بهذه القطط الكبيرة النادرة والبرية، بجانب من يعملون بجد لإعادة إحيائها في المنطقة،...