كانت قطعان غفيرة من الوعول تهاجر في ربوع أميركا الشمالية على مر آلاف السنين. لكنها اليوم في تضاؤل؛ ولا أحد يعرف السبب.
يطارد "كلايد موري" القطيع بإصرار. ضغط على دواسة الوقود في عربته الثلجية، فأثار ستارة جميلة من بلورات الثلج البيضاء. رُحتُ أقود عربتي في أعقابه لكني لم أستطع مواكبته. ناورتُ هنا وهناك بمشقة على الأرض الجليدية ذاتها، لكني لم أكن بمهارة موري، ولا بتعطشه للصيد.. لكيلوجرامات من اللحم اللذيذ، أو ذاك الدفء الذي يسري في يديه وهو يذبح وعلًا كبيرًا ويسلخه. لسببٍ ما، وعلى أن الحرارة كانت تبلغ أربع درجات تحت الصفر تقريبًا، وزادتها برودةً رياح أبريل التي تَهب عبر هذا الممر الجبلي، لم أرَ موري مرتديًا قفازين قَط. قال لي لاحقًا: "إنهما يبطئان حركتي". كان موري سريعًا في كل شيء: في تقلبات مزاجه، ولعبه كرة السلة، واستخدامه السكين لسلخ الحيوانات. لم تكن مطاردة تلك القطعان للمتعة، بل لغرض جِدي. هنالك ناور موري بعربته لحظات وانزلق بها وتوقف، فتناول بندقيته ثم صوّب. كانت طلقة مثل بالون منفجر صغير وأجوف في كنف جبال ضخمة وسماء فارغة. على بعد مئة متر، هوى وعل. أما بقية القطيع، المؤلف من 10 إلى 15 بين أم ورضيع، فواصلت الركض، لكن ليس بعيدًا؛ فكأنها علمت أن الخطر قد زال. توجهتُ بمعية موري نحو الوعل، وشاهدنا أن الطلقة أصابته بمقتل. استلَّ سكينًا من معطفه الأسود، وانحنى على الذبيحة، ثم شرع في العمل. في البدء، فصل الرأس؛ إذ يؤمن شعبه، المعروف باسم "النوناميوت" (Nunamiut) والمستوطن في منطقة "ممر أناكتوفوك" بألاسكا، أن ذلك وما يليه أهم الخطوات. حمل الرأس مسافة قصيرة بلطف كما لو كان يحمل قطته الأثيرة، ثم وضعه برفق مقلوبا على الثلج. هنالك آنَ لروح الوعل -وتسمى لديهم "إينوا"- أن تخرج وتحلق إلى عالم الأرواح. وهناك، ستواسي روحٌ حارسة روحَ الوعل ثم تبعثها إلى الأرض تارة أخرى في جسد جديد. إنها دورة من التقدير والعودة والتجدد لدى هذا الشعب. يبلغ موري من العمر 37 عامًا؛ وذلك ما يعرف، وما تعلَّم، وما سيُعَلّم أولادَه. بعد أن انتهى من الرأس، بدأ يقصب بقية الذبيحة بضربات حادة خاطفة ويدين حمراوان ناعمتين. كلما بردت أصابعه، هزَّها ونفخ فيها ووضعها على الذبيحة لتمتص بعضًا من حرارتها المتناقصة. وحالما كدَّس اللحمَ أخيرًا على زلّاجة، قال: "قد أرتدي القفازين الآن وأعود إلى البيت". وكذلك فَعل، إذ قاد عربته عائدًا إلى "ممر أناكتوفوك" بسرعة أكثر أمانًا؛ ولا يعني ذلك أنه كان يقود ببطء، فهو حريص على ألّا يتجمد اللحم. وفي هذه المرة تمكنتُ من مجاراته، بل وتجاوزته في إحدى اللحظات، فرأيته يبتسم. ليس لموري عمل غير هذا، ولا يريد سواه. القنص وسيلته لإعالة عائلته الكبيرة. وفي تلك الليلة سيكون في بيته طعام وفير وجمع غفير من الناس لتناوله.
يسألني والد موري: "هل رأيته وهو يقلب الرأس؟".
أجيب: "أجل".
يومئ الشيخ برأسه ويقول: "لا تنس".
ينتمي الوعل الذي اقتنصه موري إلى قطيع المنطقة القطبية الغربية، والذي يُطلق عليه اختصارًا "الغربي" في بعض الأحيان
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز
أثار اكتشاف كاميرات المراقبة الحساسة ثعلب "بلانفورد" الخجول والمهدد للانقراض، حماس الخبراء البيئيين، ضمن مبادرة "راقب الطبيعة"؛ إذ تم رصده في "وادي الوريعة".
كانت قطعان غفيرة من الوعول تهاجر في ربوع أميركا الشمالية على مر آلاف السنين. لكنها اليوم في تضاؤل؛ ولا أحد يعرف السبب.