سلوكيات مؤلمة وأساليب متطرفة تتبعها الكائنات في سبيل مصلحة بقاء النوع.
30 July 2022
تزخر مملكة الحيوان بسلوكيات غريبة لكثير من المخلوقات التي تنتهج أساليب مدمرة للصحة وقاتلة في بعض الأحيان؛ كل ذلك في سبيل خير أنواعها وعائلاتها. انطلاقًا من تناطح ثيران المسك والنمل المتفجر وصولًا إلى أمهات تُطعم نفسها لصغارها وهي على قيد الحياة. هكذا تحظى الأنواع الحيوانية بفرصة أفضل للبقاء مقابل تضحيات الأفراد.
فقد يصل وزن ثور المسك إلى 400 كيلوجرام، ويسعه الاندفاع بسرعة تفوق 40 كيلومترًا في الساعة للاصطدام بغريمه وجهًا لوجه في موسم التزاوج قبل أن يحاول كل منهما طعن الآخر بقرونه الكبيرة المستدقة. يتكرر هذا الفعل سنويًا طوال حياة الثور الذي يعيش ما بين 10 إلى 12 عامًا، ويتلقى خلال هذه المدة نحو 2100 ضربة على رأسه. هنا يُطرح السؤال؛ كيف لدماغ الثور أن يتحمل كل هذه الصدمات؟
المهم أن لا تنفق
تقول "نيكول إيكرمانز"، عالمة الأعصاب لدى "مدرسة إيكان للطب" في نيويورك: "يفترض الناس أن الحيوانات التي تتناطح، مثل ثور المسك وكبش الجبل، لديها مناعة من إصابات الرأس". لذا بدأت إيكرمانز مع زملائها في دراسة مجموعة من العينات، وتبين وجود أنماط في أدمغة ثيران المسك مماثلة لآثار صدمة مزمنة مبكرة في العقل البشري. إذًا فهذه الضربات بلا شك تحدث ضررًا لكنه غير كافٍ لقتل الثور. من وجهة نظر "تطورية"، فإن تزاوج الذكر مرة واحدة في حياته يُعد نجاحًا لنوعه.
الجِماع حتى الموت
في حين تتراشق ثيران المسك ضربات طاحنة خلال حياتها من أجل التزاوج. فإن "الفأر الجُرابي اللاحم" (Antechinus) يعيش حياة قصيرة مفعمة بالجنس حتى الموت. إذ يبلغ نضجه الجنسي خلال 6 أشهر، ولا يعيش حتى ليكمل عامه الأول. تشهد هذه الجرابيات الصغيرة موسم تزاوج محموم يتزاوج خلاله الذكر مع شريكة واحدة لمدة قد تصل إلى 14 ساعة قبل البحث عن أخريات حتى ينتهي به الأمر إلى الهلاك حرفيًا. تقول "ديانا فيشر"، عالمة الثدييات في "جامعة كوينزلاند" بأستراليا: "إن أسلوب التكاثر الانتحاري هذا غير مألوف لدى الثدييات التي تعيش عادة لتشهد مواسم تزاوج عدة، في حين يتجلى هذا الأسلوب عند بعض الحشرات والنباتات والأسماك ومفصليات الأرجل".
حشرات انتحارية
لعالم الحشرات نصيب وافر من أمثلة تدمير الذات، فنحلة العسل الأوروبية تُفني نفسها حين تلسع معتديًا على الخلية، وهناك نملة متفجرة تشق بطنها نصفين لحماية مملكتها. لكن كيف لتدمير الذات أن يكون سلوكًا ناجحًا؟ يقول "توماس سيلي"، عالم الأحياء في "جامعة كورنيل": "نجاح الحشرة العاملة [تطوريًا] ضمن خلية أو مملكة لا يكمن في تزاوجها، بل في مساعدة الأم [الملكة] على التزاوج بنجاح". ويصف بعض العلماء هذه الأنظمة الاجتماعية للحشرات بأنها كائن حي، إذ تمثل الخلية أو المستوطنة مخلوقًا واحدًا، تكون الملكة عضوه التناسلي، فيما تمثل الحشرات العاملة خلايا الجسد التي يمكن التضحية ببعضها في سبيل بقاء الكل.
تضحيات الأمومة
قد تُلقي بعض الأمهات في عالم الحيوان بأنفسهن إلى التهلكة لضمان حصول صغارهن على فرصة للنجاة والحياة. فأنثى "الضفدع الثعباني"، حيوان برمائي بلا أرجل، تسمح لصغارها بأن يأكلوا طبقة من جلدها كوجبتهم الأولى. أما أنثى "العنكبوت الإفريقي الاجتماعي" فتستسلم لصغارها كي يلتهموها وهي على قيد الحياة، وإلى عمق البحار نشهد تضحية أنثى أخطبوط المحيط الهادي العملاق التي تحرس بيضها أربعة سنين دون أن تأكل شيئًا لتهلك في نهاية المطاف جوعًا.
يدحض بحثٌ جديد الافتراض السائد منذ فترة طويلة بأن مزيج ألوان الظربان -الأبيض والأسود- هو ما يدفع الحيوانات ومن ضمنها القيوط للابتعاد عنها
هل تقول قطتك "أحبك " أم تقول "أريد الطعام"؟ هذا التطبيق الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي يتعهد بتفسير ما تقوله القطط
بالإضافة إلى التحقيق في مفهوم العلامات المنفرة Aposematism، تعزز الدراسة الجديدة فكرة أن شخصيات الحيوانات من الفصيلة ذاتها تتفاوت ضمن مجموعاتها فعلى سبيل المثال، تم رش أحد ذئاب القيوط الذي يتسم...