الهيدرا.. كائن أسطوري تنمو رأسه بعد قطعها

تمتلك الهيدرا قوى لا تصدق - بما في ذلك القدرة العبثية على إعادة نمو رؤوسهم إذا تم قطعها. هذه الكائنات اللافقارية التي تعيش في المياه العذبة، وهي أيضًا واحدة من أقرب الأمثلة التي لدينا على الكائنات الخالدة. كما يمكن لخلايا هيدرا الجذعية أن تتكاثر إلى أجل غير مسمى، ما لم يتم تدميرها تمامًا داخل الجهاز الهضمي للمفترس أو استهلكتها النيران.

يمكن للهيدرا إحياء نفسها إلى حد كبير بعد أن تتمزق، طالما بقيت خمس خلايا منظمة للرأس على الأقل سليمة، فإنها ستنطلق في طريقها إلى بعضها البعض، وتتجمع وتبدأ في تنظيم بقية فوضى الخلايا المتبقية في الجسم، وتصبح كائن مكتمل بعد ذلك.

لطالما استحوذت هذه السمات المذهلة على انتباه العلماء، ولكن لا يزال هناك الكثير حول كيفية عملها الذي لا يزال غامضًا.

تنتمي الهيدرا إلى شعبة اللواسع "cnidaria"، والتي تشمل قنديل البحر والشعاب المرجانية وشقائق النعمان البحرية، وتعيش في بيئات استوائية ومعتدلة عذبة. وتحتوي أجسام الهيدرا الدودية الهلامية الصغيرة على مجسات شبيهة بشقائق النعمان في أحد طرفيها وقدم قاعدية قصيرة عند القاعدة تفرز موادًا لزجة للتشبث بالسطح. كما أن مخطط أجسامها متماثل قطريًا، على عكس التماثل الثنائي الخاص بنا.

تحتوي نهاية رأس الهيدرا، على تكوين بمثابة الفم. وعند تمزيق نفسها لتناول الطعام، تلتحم هذه الخلايا مرة أخرى عندما لا تُستخدم، وبداخل هذا التكوين التكوين الدقيق توجد خلايا منظمة لنمو الرأس والتي يتكون يتراوح عددها بين 50 إلى 300 خلية. وتقوم هذه الخلايا بتوجيه الخلايا المجاورة لها لِتُكَون رأس الهيدرا، من خلال تحديد الإشارات الخلوية التي تدفع الخلايا المجاورة إما إلى تكوين التركيب فوق الفم (Hypostome)، أو إلى تكوين الأذرع.

إذا تم تقطيع الهيدرا إلى قسمين، في أي مكان على طول الثلث العلوي، فإن الجزء المتبقي من الجسم سينمو مكونًا المزيد من الخلايا المنظمة، والتي سترتب بعد ذلك رأسًا جديدًا للحيوان. كما تظهر هذه الخلايا المنظمة أيضا على طول جسد الهيدرا عندما يتبرعم ويتكاثر لا جنسيًا.

لفهم هذه القوى الأسطورية، ألقت عالم الأحياء بجامعة كاليفورنيا " ماسياس مونيوز" وزملاؤها نظرة فاحصة على جينات الهيدرا، وقارنوا التعبير الجيني أثناء تجديد الرأس وتبرعمه، وتعيين مناطق الجينوم المفتوحة للتعبير الجيني في الأنسجة الوبائية والأنسجة الناشئة. تقول "مونيوز": "أحد الاكتشافات المثيرة لهذا العمل هو أن برامج تجديد الرأس في الهيدرا مختلفة تمامًا ".وعلى الرغم من أن النتيجة واحدة، وهي رأس جديدة، فإن التعبير الجيني كان أكثر تنوعًا أثناء برنامج تجدد الرأس. كما صاحب ذلك عملية إعادة تشكيل الكروماتين الديناميكي في المواقع التي ترتبط فيها عوامل النسخ التنموية.

الكروماتين هو كتلة من المادة الوراثية تتكون من الحمض النووي والبروتينات التي تتكثف لتكون صبغيات أثناء انقسام الخلية حقيقية النواة.

كما تشتمل العديد من مناطق الجينوم البالغ عددها 2870 منطقة - التي تم تحديدها على أنها "قيد الاستخدام" داخل الخلايا المنظمة أثناء تجديد الرأس - على جينات مُحسِنة، تساعد نواتجها في دفع عمليات نمو أخرى.

المصدر: sciencealert