متى يتوقف الطمث عند الحيتان القاتلة؟

يمكن لإناث الحيوانات الإنجاب طوال حياتها، فانقطاع الطمث أو ما يعرف بـ"سن اليأس" لا يدركه سوى الإنسان وأربعة أنواع من الحيتان فقط. 

سن اليأس، أو ما يسميه العلماء مرحلة ما بعد الإنجاب، - هو لغز تطوري - لا أحد يعرف بالضبط كيف أو لماذا حدث؟ حتى الآن، وتشير نظريات إلى أن هذه السمة تطورت بحيث يمكن للإناث الأكبر سنًا أن تساعد في تربية نسل نظرائهن الأصغر سنًا.

ومع ذلك، وجدت دراسة نُشرت مؤخرًا في Ecology and Evolution دليلًا على انقطاع الطمث في مجموعة فريدة وراثيًا من الحيتان تسمى حيتان بيغ القاتلة، والتي توجد قبالة سواحل ولاية واشنطن وكولومبيا البريطانية ويمكن أن يصل طولها إلى 8 أمتار. في السابق، لم يكن معروفًا ما إذا كانت هذه الحيتان قد عانت من انقطاع الطمث أم لا؟.

تعتبر الحيتان القاتلة بشكل عام واحدة من الثدييات القليلة المعروفة بانقطاع الطمث. كما أنها واحدة من أكثر الأنواع تنوعًا وبعيدة المدى، حيث تسبح حول جميع المحيطات السبعة. هذا يعني أن هناك العديد من المجموعات الجينية المتميزة التي تختلف في البنية الاجتماعية والنظام الغذائي والموائل. قبل هذه الدراسة، لم يعرف علماء البيئة سوى عدد قليل من مجموعات الحيتان القاتلة التي دخلت سن اليأس.

وفقًا لـ "ميا نيلسون"، المؤلفة الرئيسية للدراسة، تعيش الحيتان القاتلة المقيمة في مجموعات اجتماعية قوية تتكون من الأمهات والأبناء والأقارب البعيدين. ونادرًا ما تغادر الحيتان المجموعة، ما يعني أن الحيتان بعد انقطاع الطمث يمكن أن تساهم في تربية أحفادها لعقود بعد انتهاء قدرتها الإنجابية. ومع ذلك، على عكس الحيتان القاتلة المقيمة، تعيش حيتان بيغ القاتلة في مجموعات اجتماعية أصغر، تتكون عادة من الأم ونسلها فقط. مع عدم وجود الحيتان الجدة، لذا فإن النظريات الرائدة حول تطور سن اليأس لا تتناسب تمامًا مع هذه المجموعة المعينة من الثدييات المحبة للماء.

لتحديد أن حيتان بيغ القاتلة تمر بانقطاع الطمث، قامت "نيلسن" وفريقها بتحليل البيانات التي تم جمعها على مدار 40 عامًا. وقد تتبعت البيانات تاريخ ميلاد الحوت الفردي ووفاته لمجموعتين من الحيتان، بالإضافة إلى جدول زمني لتوقيت وعدد مرات التكاثر. وهاتان المجموعتان لديهما العديد من أوجه التشابه، بما في ذلك الإقامة في بيئات مماثلة، وحتى مناطق متداخلة قبالة ساحل ولاية واشنطن وكولومبيا البريطانية. الاختلاف الرئيسي الوحيد بين المجموعتين، إلى جانب البنية الاجتماعية، هو النظام الغذائي، فالأنواع المقيمة تأكل الأسماك حصريًا، بينما يفضل حوت بيغ أكل الثدييات الأخرى مثل الفقمة.

وأظهرت الدراسة أنه بغض النظر عن الاختلافات، توقفت كلتا المجموعتين عن الولادة في الثلاثينيات من العمر، لكنهما ما زالا يعيشان بصحة جيدة في الستينيات أو حتى الثمانينيات من العمر.

كان هذا الاكتشاف مفاجأة كبيرة. افترض الفريق أنه حتى إذا خضعت حيتان بيغ القاتلة لانقطاع الطمث، فسيحدث ذلك لاحقًا في حياتها لأن الميزة التطورية ليست واضحة بالنسبة للبنى الاجتماعية الأصغر لحيتان الأوركا. قد يتعمق أحد التفسيرات في الماضي التطوري للحيتان القاتلة، فمن الممكن أن يكون انقطاع الطمث قد تطور في سلف مشترك قديم لكل من حيتان بيغ والحيتان القاتلة المقيمة.

ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا توجد فوائد تطورية لانقطاع الطمث بالنسبة لهذه الثدييات البحرية. تفسير آخر هو أن الإناث المسنات يعملن كمرشدات إيكولوجيات في وقت لاحق من حياتهن، ويقودن الآخريات إلى أفضل مواقع الصيد ويتركن حكمتهن للأجيال القادمة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتجنب إناث الحيتان الأكبر سنًا مأساة التنافس مع أفراد أسرتها على الرفقاء والموارد مع تقدمهم في السن. تقول "نيلسون": "هذا الصراع شيء يمكن للإناث الأكبر سنًا تجنبه من خلال وقف التكاثر".

تأمل "نيلسن" في إجراء عمليات رصد ميدانية باستخدام طائرات بدون طيار في المستقبل القريب، مما قد يؤدي إلى تتبع العلاقات بين الحيتان وكذلك تحركاتها بشكل أفضل. بحسب "نيلسن" فإنه أمر مثير للغاية أن نعلم وجود مجموعة أخرى من الحيوانات لديها تاريخ حياة نادر حقًا حيث تدخل سن اليأس ما يوفر للعلماء نوعًا جديدًا حيث يمكنهم البدء في التحقيق في سبب تطور سن اليأس.

المصدر: Popular Science