كيف قاد توت عنخ آمون العالم إلى اكتشاف "المدينة المفقودة"؟

مدينة "صعود آتون" أكبر مستوطنة إدارية وصناعية في العصر الذهبي للدولة المصرية القديمة على الضفة الغربية للأقصر، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو 3 أمتار ومقسمة إلى شوارع. صورة من وزارة السياحة والآثار المصرية

كيف قاد توت عنخ آمون العالم إلى اكتشاف "المدينة المفقودة"؟

قاد الملك توت عنخ آمون علماء الأثار إلى اكتشاف "المدينة المفقودة" أكبر حواضر مصر القديمة، في مفاجأة جديدة من مفاجآت الفرعون الشاب الذي حير العالم.

قلم: مريم عيسى

8 ابريل 2021

في سبتمبر 2020، كانت بعثة أثرية مصرية تبحث عن مكان المعبد الجنائزي للملك توت عنخ آمون في الأقصر (طيبة القديمة) بالتحديد بين معبد رمسيس الثالث ومعبد أمنحتب، بعد العثور على معبدي كل من "حومحب" و"أي" (خليفة الملك توت) من قبل في نفس المنطقة.

كانت البعثة الأثرية تسعى إلى تحقيق حلمها بإعلان العثور على اكتشاف جديد للملك الشاب الذي تتعلق أذهان مئات الملايين في العالم بأسرار مقبرته ويتسابق الملايين لرؤية قناعه الذهبي. وبينما كانت أعمال الحفر جارية عثرت البعثة تحت الرمال على "هدية ثمينة" هي أكبر مدينة لقدماء المصريين وتدعى" صعود آتون"، والتي يعود تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الثالث. وجدت البعثة تحت الرمال تشكيلات من الطوب اللبن في جميع الاتجاهات، وكانت دهشة البعثة الكبيرة، حينما اكتشفت أن الموقع هو مدينة كبيرة في حالة جيدة من الحفظ، بجدران شبه مكتملة، وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية، وقد بقيت الطبقات الأثرية على حالها منذ آلاف السنين، وتركها السكان القدماء كما لو كانت بالأمس.

اكتشاف المدينة المفقودة في الأقصر المصرية يعد الأهم أثريًا منذ العثور على مقبرة الملك توت عنخ آمون في عام 1922

ويعد هذا الاكتشاف هو الأهم أثريًا منذ العثور على مقبرة توت عنخ آمون عام 1922، بحسب بيتسي بريان، أستاذة علم المصريات بجامعة جون هوبكنز. ويبدو أن الملك الشاب قرر أن يوزع هداياه قبل احتفال العالم بمرور 100 عام على اكتشاف مقبرته في 22 نوفمبر 2022، بينما تتواصل المحاولات للكشف عن المزيد من الأسرار في مقبرته التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر في وادي الملوك بالأقصر.

أذهل اكتشاف المدينة البعثة الأثرية، التي تعود إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، ليس فقط أنها الأكبر في التاريخ المصري القديم بل أيضاً تمنح فهمًا أعمق للحياة اليومية للمصريين القدماء من بناء وديكورات المنازل والأدوات التي استخدموها وتنظيم العمل.واستمر استخدام مدينة "صعود آتون" خلال فترة حكم توت عنخ آمون، أي منذ 3000 عام، بحسب عالم المصريات زاهي حواس.

والملك أمنحتب الثالث هو الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشر وحكم مصر من عام 1391 إلى عام 1353 قبل الميلاد. وشاركه ابنه ووريث عرشه أمنحتب الرابع "أخناتون" الحكم آخر ثمان سنوات من عهده. ويقول زاهي حواس إن هذه المدينة هي أكبر مستوطنة إدارية وصناعية في عصر الإمبراطورية المصرية على الضفة الغربية للأقصر، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو 3 أمتار ومقسمة إلى شوارع.

اكتشاف "صعود آتون" يفتح الباب أمام حل أحد أهم الألغاز في التاريخ المصري القديم وهو لماذا قرر إخناتون الانتقال إلى العمارنة؟

ويضيف حواس أن اكتشاف هذه المدينة، لم يمنحنا فقط لمحة نادرة عن حياة قدماء المصريين في عصر الامبراطورية، ولكنه أيضاً سيساعدنا في إلقاء الضوء على أحد أعظم الألغاز في التاريخ ولماذا قرر إخناتون ونفرتيتي الانتقال إلى العمارنة؟! وبحسب بيان للبعثة فإن الهدف الأول كان تحديد تاريخ هذه المدينة، حيث تم العثور على نقوش هيروغليفية على أغطية خزفية لأواني النبيذ، وتخبرنا المراجع التاريخية أن المدينة كانت تتألف من ثلاثة قصور ملكية للملك أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى المركز الإداري والصناعي للإمبراطورية.

وقد أكد عدد كبير من الاكتشافات الأثرية على تاريخ المدينة مثل الخواتم والجعارين والأواني الفخارية الملونة والطوب اللبن الذي يحمل أختام خرطوش الملك أمنحتب الثالث. وعثرت البعثة في الجزء الجنوبي على المخبز ومنطقة الطهي وأماكن إعداد الطعام كاملة مع الأفران وأواني التخزين الفخارية، والذي كان يخدم عددًا كبيرًا من العمال والموظفين.

أما المنطقة الثانية، والتي تم الكشف عنها جزئيًا وهي تمثل الحي الإداري والسكني حيث تضم وحدات أكبر ذات تنظيم جيد. وهذه المنطقة مسيجة بجدار متعرج، مع نقطة دخول واحدة فقط تؤدي إلى ممرات داخلية ومناطق سكنية. وهذا المدخل الوحيد يجعلنا نعتقد أنه كان نوعًا من الأمن حيث القدرة على التحكم في الدخول والخروج إلى المناطق المغلقة. وتعتبر الجدران المتعرجة من العناصر المعمارية النادرة في العمارة المصرية القديمة، وقد استخدمت بشكل أساسي في نهاية الأسرة الثامنة عشر.

والمنطقة الثالثة عبارة عن ورشة العمل، تضم بإحدى جهاتها منطقة إنتاج الطوب اللبن المستخدم لبناء المعابد والملحقات، ويحتوي الطوب على أختام تحمل خرطوش الملك أمنحتب الثالث. وتم اكتشاف عدد كبير من قوالب الصب الخاصة بإنتاج التمائم والعناصر الزخرفية الدقيقة، وهذا دليل آخر على النشاط الواسع في المدينة لإنتاج زخارف كل من المعابد والمقابر. ويقول حواس "لدينا الكثير من المعلومات حول المقابر والمعابد ولكن هذه هي المرة الأولى التي تكشف أسرارًا عن حياة ملوك العصر الذهبي لمصر".

علوم

المومياوات التي لم تسمع بها من قبل

المومياوات التي لم تسمع بها من قبل

علماء يستخدمون تقنيات حديثة لحل لغز استيطان جزر الكناري وقصة "الألف مومياء".

طريق الكباش: عودة موكب "الزواج المقدس" إلى طيبة

علوم حضارات

طريق الكباش: عودة موكب "الزواج المقدس" إلى طيبة

بحسب علماء آثار فإن اللقاء السنوي بين آمون رع (آله الشمس) وزوجته "موت" كان احتفالًا بالزواج المقدس.

اكتشاف جداريات أشورية عمرها 2700 عام في العراق

علوم حضارات

اكتشاف جداريات أشورية عمرها 2700 عام في العراق

تعدّ الثيران المجنحة والجداريات الهائلة، أبرز ما وصل العصر الحالي من آثار الامبراطورية الآشورية.