في أواخر شهر مايو الماضي، دخلت ابنة السبعة عشر ربيعاً "ميار محمد موسى" إلى إحدى المستشفيات الخاصة بمدينة السويس في مصر، لإجراء عملية ختان "بسيطة وصغيرة" كما همست لها والدتها، "حفاظاً على العفة والأخلاق الحميدة". كانت شقيقتها التوأم قد أجرت في وقت سابق من النهار العملية نفسها وخرجت بسلام. لكن القدر اتخذ مساراً مغايراً مع "ميار"، إذ توفيت ساعات قليلة في أعقاب ختانها. أما سبب الوفاة فإصابتها بنزيف شديد تبعه هبوط حاد في الدورة الدموية حسب تقرير الطبيب الشرعي.
ألقت حادثة "ميار" المأساوية حجراً في المياه الراكدة لمسألة ختان الإناث، تلك الممارسة التي لا تستند إلى أي دليل طبي أو ديني يدعم استمرار العمل بها. فقد أقر البرلمان المصري ثلاثة أشهر على ذلك، مشروع قانون قدمته الحكومة وقضى بتغليظ العقوبة على من يقوم "بإزالة أي من الأعضاء التناسلية الخارجية للإناث بشكل جزئى أو تام أو يلحق إصابات بتلك الأعضاء من دون مبرر طبي"، بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات. ورغم تغليظ العقوبات القانونية، وتجريم الأزهر لعملية الختان واعتبار أنها ليست من صحيح الإسلام، إلا أن هذه العادة التقليدية لا تزال تجد من يؤمن بضرورة إجرائها من الآباء والأمهات، ولا تزال تُمارس في الخفاء خصوصاً في قرى مصر ومناطقها النائية.
الدكتورة هالة صقر -المسؤولة التقنية لبرنامج الإصابات والعنف والإعاقة في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية- تحبذ استخدام مصطلح "تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى" لعمليات الختان التي تجرى للإناث. تقول صقر إن هناك ثمة "ثلاث درجات لعمليات تشويه الأعضاء التناسلية، أكثرها حِدة الدرجة الثالثة، التي تقضي ببتر جميع الأعضاء التناسلية الخارجية ثم خياطة المنطقة الرخوة، ما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة أثناء الولادة تقود إلى إعاقة عملية المخاض وصولاً إلى التسبب بوفاة الأم وجنينها".
يلقي الدكتور ولاء فخر -استشاري أول عقم وأمراض نسائية- الضوء بشكل أكثر وضوحاً على المضاعفات الناتجة عن الأخطاء التقنية في عملية الختان، والتي ينفذها حسب رأيه أشخاص ذوو قصور في الخلفية العلمية والجراحية وهم في غالب الحالات من الممرضات أو المُمَارِسات الاجتماعيات. يقول فخر: "يتسبب ختان الأنثى بأضرار جسيمة تطال قناة مجرى البول، فضلاً عن إحداث التهابات قد تؤدي إلى انسداد فتحة المهبل؛ فيحتبس الحيض ويتجمّع داخلياً وهو أمر له تداعيات آثار سلبية خطيرة على أي أنثى. أما خلال حالات الوضع فقد تحدث مشاكل أقل ما يقال فيها إنها خطيرة نظراً لارتباطها بحياة الأم والجنين معاً؛ إذ قد يتعثر خروج الجنين من فتحة المهبل أثناء الولادة الطبيعية جراء الضيق الناجم عن الخياطة التي تعقب عملية الختان".
ولا تنحصر ممارسات الأشخاص ذوي القصور العلمي والجراحي في بعض البلاد العربية، فحسب الخبيرة الدولية صقر، فإن الختان "مشكلة عالمية تمسُّ حوالى 200 مليون أنثى في العالم يتركز جلّهن ضمن 30 دولة في غرب إفريقيا وشرقها إضافة إلى دول حوض النيل، وقليل
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز