:عدسة غرانت كورنيت
2 نوفمبر 2018
إذا أمعن المرءُ النظرَ في مستقبل ما نأكله حالياً، فسيبدأ بالتساؤل عن مآل وجباتنا. من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان العالم تسعة مليارات نسمة مع حلول منتصف القرن الحالي، ما سيزيد احتياجاتنا الغذائية بواقع 50 بالمئة. فكيف لنا أن نلبي هذه الاحتياجات المتزايدة من دون تدمير المزيد من الغابات أو توسيع نطاق الزراعة الصناعية التي تعد أحد أهم العوامل المساهمة بالتغير المناخي؟ وما السبيل إلى الحفاظ على صحة تربتنا حتى تزدهر المحاصيل؟
إن هذه الأسئلة تدلف بنا إلى عالم يلفه الغموض والتعقيد. لكن أمراً واحداً يظل واضحاً، حسب "لينيي يوان"، رئيسة تحرير مجلة (Mold) المعنية بموضوع مستقبل الغذاء؛ إذ تقول محذرةً: "لإطعام تسعة مليارات شخص، نحن بحاجة إلى أن تتكاتف كل الأيادي".
ومن المرجح أن العديد من تلك الأيادي ستحاول إيجاد سبل جديدة لإنتاج البروتين لأن الضغط الذي يشكله إنتاج الغذاء الحيواني بطرق صناعية على البيئة، أضحى لا يُطاق على نحو متزايد. فالإنتاج الحيواني مسؤول عن زهاء سُبع ما يُطرح من انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة البشرية. على سبيل المثال، فإن لحوم البقر المنتَجة بأسلوب التعليف المركّز غالباً ما تتطلب كمية مياه تناهز ثمانية أضعاف ما تتطلبه عمليات التعليف العادية، و 160 ضعفاً من الأراضي لكل سعرة حرارية مقارنة مع إنتاج الخضراوات والحبوب. ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن مسؤولي منظمة "الأمم المتحدة" درجوا على حث البشر جميعاً على تقليص استهلاكهم لحوم البقر.. وقد بدأت شركات الأغذية الجديدة تأخذ هذا الأمر على محمل الجد.
ومن بين تلك الشركات، شركة ممونة لوجبات بديلة للحم تدعى "بياند برغر"، وهي فطائر تستمد لونها الشبيه بلون لحم البقر من البنجر ومكوناتها البروتينية من البازلاء. طرحت هذه الوجبات للبيع في جميع أنحاء الولايات المتحدة لدى زهاء 10 آلاف محل بقالة ومثل ذلك من المطاعم. أما أقرب منافسي هذه الشركة، فيبيع منتج "إيمباسيبل برغر"، وهو فطيرة نباتية تحاكي أيضاً كل صفات شكل اللحوم التقليدية وملمسها ومذاقها ورائحتها، وذلك بفضل بروتين مصنَّع في المختبر يُعرف باسم "هيم". ويباع هذا البرغر الآن في ألف منفذ بيع بالولايات المتحدة وهونغ كونغ.
وتسعى شركات أخرى إلى تصنيع لحوم صناعية بالكامل، حتى يصبح وجود الحيوانات أمراً غير ضروري. فأرباب الصناعة ينظرون في شأن إنتاج لحم بالمختبر باستخدام الطريقة نفسها التي تُنتَج بها الجعة داخل المختبرات، وذلك من خلال تعديل الخلايا الحيوانية داخل أحواض التربية الضخمة على غرار العمليات التي يتَّبعونها في تخمير الحبوب. وتعليقاً على ذلك، يقول "بروس فريدريك"، المدير التنفيذي لـ "معهد غود فود"، وهو مجموعة صناعية: "سيبدو الأمر أشبه بكثير بمصنع جعة". وكما تُملأ أكواب الجعة من خلال حنفية، يقول فريدريك، "كذلك سيكون الأمر إذا كان اللحم مفروماً".