25 فبراير 2014
بقلم: محمد طاهر
لم يكن العثور على متحف "بيت البنات"، الواقع في زقاق ضيق من شارع "السكة 28"، سهلاً على الإطلاق. فقد استلزم الأمر مني سؤال أربعة أشخاص من غير الناطقين بلغة الضاد، ثم التوهان في ثلاث حارات ملتوية تقع خلف سوق الذهب بدبي، تغص بحركة سياحية وتجارية دائمة ودائبة، قبل الاهتداء إليه. تساءلت في نفسي: لماذا اختير شارع لا يصلح لسير المركبات، ولا يزيد عرضه في أحسن الأحوال على مترين، وجل سكانه من الجاليات الآسيوية، مقراً لصرح ثقافي كبير؟ ويبدو أن الطبيبة النفسية التي أطلقت فكرة "متحف المرأة" ومولته على نفقتها الخاصة، استطاعت بفراستها أن تقرأ السؤال في محياي، فبادرتني لحظة استقبالي قائلة "حرصتُ أن يكون (المتحف) هنا، لأن الجيل الجديد لا يعرف الكثير عن ماضيه... كان عليّ أن أفعـل شيـئاً لاستقطاب المواطنيـن الإماراتيين للعودة إلى هذه المنطقة الحيوية من دبي".
الطبيبة النفسية هي الدكتورة رفيعة غباش -العميدة السابقة لكلية طب جامعة الإمارات في العين والرئيسة السابقة لجامعة الخليج العربي في البحرين- التي أرادت من خلال مبادرتها الثقافية الاحتفاء بالرائدات من بنات وطنها "قبل أن يدخلن غياهب النسيان" حسبما تقول، وهو أمر تذهب في تأييده بعيداً الكاتبة والإعلامية الإماراتية عائشة سلطان التي تعتبر المتحف "خطوة وعي في مواجهة الحداثة، وحفظاً وتوثيقاً لذاكرة المجتمع، وتفكيكاً لمقولة غير صحيحة عن تخلف المرأة الإماراتية".
عند مدخل المتحف يختلط عبق الذاكرة برائحة القهوة العربية وعطر الطيب. سبب تسمية متحف المرأة بـ"بيت البنات" أتت من جانب أهل الحي، بعد أن آلت ملكية هذا المنزل قديماً لبنات "بو غانم" اللواتي لم يتزوجن قـط؛ تشاء المصادفة أن يأتي المسمى القديم متماشياً مع طبيعة المشروع الحديث.
تطالعنا لحظة عبورنا المدخل الرئيس الضيق جدارية "ذاكرة المكان": وجوه وأماكن بالأبيض والأسود. أسأل "هل للمكان ذاكرة؟"، يأتيني جواب رفيعة بنبرة الواثق "ذاكرة وإحساس ونبض... تنهض جميعها من تحت التراب كلما مررت من هنا".
التتمة في النسخة الورقية