:عدسة كيترا كاهانا
1 يناير 2017
تعيش "ألكسندرا" في حي هادئ تَحفُّه الأشجار بإحدى ضواحي مدينة دالاس في ولاية تكساس، برفقة والدَيها وشقيقها وشقيقتها وخمسة كلاب، بحكم أن عائلتها تنشط في مجال إنقاذ الكلاب. أما هي -البالغة من العمر 22 عاما- فتنقذ البشر.
.. ذلك أنها ترأست في المرحلة الثانوية هيئة مراهقين تُشْرِفُ على رقم هاتفي خاص بالتحادث مع المقبلين على الانتحار؛ وكانت قبل ذلك قد أنشأت مع صديقاتها مدونة على تطبيق "تمبلر" لنُصح المراهقيـن الذيـن يفكـرون في الانتحــار. كانت توزع رقم هاتفها النقال وتقدم الاستشارات للمتصلين، وتتعقب أصدقاءهم على تطبيق "فيسبوك"، بل وتتصل بالشرطة لإنقاذ هؤلاء المراهقين.
ذُعِرَ الكبارُ لمَّا علِموا بأمر ألكسندرا؛ فطلبوا إليها أن تتوقف فورا، لأن مجال الإنقاذ لا سبيل فيه للهواية، فقد يُلحَق الأذى بالآخرين خطأً أو جهلاً. تقول ألكسندرا: "لم أتلقَّ أي تدريب.. لقد كان ذلك طيشا مني فعلاً. رأيت في الأمر آنذاك عملاً بطولياً.. والحال أنني اليوم أرى أني كنت أحاول إنقاذهم، لعجزي عن إنقاذ نفسي".
فلقد ظلتْ تقارن نفسها بفتيات أخريات منذ أولى سنواتها في المدرسة. كُنَّ أكثر شعبية، وأجمل وأذكى وأكثر إثارة للاهتمام. تقول ألكسندرا: "أذكر أني طالما رجوتُ لو كنت شخصا آخر. ولكم وَددْتُ -بكل براءة- أن أقضي يوما في جِلد شخص آخر. ثم أضحت تلك الأفكار أكثر تأصلا في نفسي فاستحوذت على عقلي".
أصيبت ألكسندرا خلال المرحلة الثانوية باكتئاب إلى درجة التفكير في الانتحار. ودَّت لو تُغير كل ما يتعلق بمظهرها؛ إذ تقول: "كنت أدرك أن لي أصدقاء وعائلة يحبونني، وكنت أعلم أن في جعبتي مؤهلات وأني ذكية، لكني كنت أتقزز من نفسي إلى حد ما". (حُجِبت الأسماء العائلية لبعض الأشخاص في هذا التحقيق نزولا عند رغبتهم في صون خصوصيتهم).
لجأتْ ألكسندرا إلى إيذاء ذاتها، وتلك خطة يتوسل بها بعض المراهقين للتعامل مع عواطفهم أو عقاب أنفسهم. وهكذا بدأت تحرق باطِن ذراعيها بمُسَرِّح شعرها الكهربائي، ثم تغطي الحروق بالأساور.
دأبت ألكسندرا خلال سنوات المدرسة الثانوية، على إغفال بعض الوجبات سِرًّا، وكلما تناولت ثلاث وجبات في اليوم، انتابتها الرغبة في الانتحار. كانت نحيفة حقا -بحكم مواظبتها على حصص "الباليه" كل يومٍ بعد نهاية الدوام وطيلة أيام السبت؛ ومع ذلك أرادت أن تصير أنحف. تقول: "لقد نشأت أمام مرآة كبيرة".
وتلك حال كثير من الفتيات في أميركا: النظر إلى المرآة في كل وقت وحين. فالأسئلة الوجودية التي تطرحها المراهقات (من أكون؟ وهل أنا جديرة بالحب والاحترام؟) غالبا ما تمر عبر سؤال آخر: كيف أبدو؟ ولعل أكبر الضغوط الاجتماعية التي تتعرض لها المراهقات هي الالتزام بمفاهيم الجمال التقليدية المتعارف عليها.