:عدسة عدسة: آرون هووِي
1 فبراير 2016
يستضيف "منتزه ومحمية دينالي الوطني" معظم زوّاره السنويّين -البالغ عددهم 500 ألف زائر- في موسم الذروة الذي يبدأ من يونيو ويصل إلى أوائل سبتمبر، ويطلق عليه حرّاس المنتزه ههنا عبارة "أيام الفوضى المئة". وبالفعل فإن المرءَ -في صباح أي يوم من أيام الصيف- إذ يكون لدى "مركز دخول البراري" الواقع عند بداية "طريق المنتزه" الشهير البالغ طوله 148 كيلومتراً.. يشعر كما لو أنه في ساعة الذروة لدى "محطة ديرة سيتي سنتر للمترو" في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. فعند تلك النقطة تصدع مكبّرات الصوت معلنةً مواعيد ركوب الحافلات، ويتجمهر زوّار المنتزه القادمين من بلدان عديدة عند شبّاك التذاكر.
جُلّ زوّار المنتزه يأتون إليه تاركين السفن السياحية التي تقلّهم راسية في المرفأ، ليشاهدوا ما حوى من حياة فطريّة خصيبة من على متن حافلات سياحية في الغالب. لكن "إن كنت ممن ينشدون العزلة فلن تجد صعوبة في العثور عليها هنا" على حد قول "سارة هايس" التي تعمل حارسة لمنتزه دينالي وتساعد هواة السفر مشياً بمختلف أنواعهم على التجهيز لخوض المغامرات. تُضيف المرأة: "لدينا ستة ملايين فدّان (نحو 2.5 مليون هكتار) من الأراضي التي تكاد تخلو من الطرق والدروب، وتسرح فيها الحيوانات البريّة بحريّة من دون أن يتعرّض إنسان لها بأي إزعاج؛ ويمكن لأي زائر ينزل من الحافلة أن يدخل عالمها".
وإذْ تنطلقُ الحافلة حيث أركب، تلتصق أنوف الزوار بزجاج النوافذ في ترقّب وهُم يتحرّقون شوقاً لرؤية المشاهد الخلاّبة والحيوانات البرية، فيما يحمل آخرون كاميراتهم استعداداً لالتقاط الصور. أسمع في الحافلة ست لغات تقريباً. أسأل عدة أشخاص عن قائمة الحيوانات التي يتمنّون رؤيتها، فيجيب أحدهم: "موظ!"، وآخر: "دبّ أشيب!"، وثالث: "أيّل كاريبو!"، ورابع: "ذئب!".
وما إن تقطع الحافلة ثمانية كيلومترات من الطريق حتى نلمح أول حيوان.. فيصيح طفل بشوق: "سنجاب!"، فينفجر جميع من في الحافلة ضاحكين. وبعد قطعنا الكيلومتر الرابع والعشرين، تصير الطريق ترابيّة وخالية من السيارات. وإنْ هي إلا بضعة كيلومترات أخرى حتى تختفي الأشجار. وما إن تلوح القمم البعيدة لسلسلة جبال ألاسكا من بعيد حتى يتّضح مدى الاتساع الكبير لمملكة الطبيعة هذه.. فيبدأ السائق تخفيف السرعة.