تُعدُّ الخريطة المعروضة أعلاه بمنزلة فحص بالأشعة لمحيطات العالم؛ وتُظهر ألوانها أيَّ المناطق أكثر تضرّراً بسبب النشاط البشري. فكلما ازدادت منطقةٌ ما قتامةً، ازدادت الضغوط على مياهها نتيجةً لصيد السمك، والشحن البحري، وتأثيرات التغيّر المناخي المقوّضة للاستقرار، أو الأسباب الثلاثة مجتمعةً.
وتُعَـدّ خرائط من هذه النوع نادرة، فمن المعلوم أن اتساع المحيطات وعمقها يجعلان دراستها صعبة. ولكن في عام 2008 استعمل فريق من الباحثين صوراً ملتقطة بالأقمار الصناعية وبرمجـيّاتِ نَمْذَجة لصنع صورة متكاملة عن تأثيرات البشر في المحيطات. وبعد خمسة أعوام، أعادوا الكَرّة ملتقطين مشهداً شمولياً لمحيطات في طور التبدّل. ومن بين الحقائق المكتشفة، أن ما يعادل ثلثَي المحيطات يبدو متأثراً بضغط متزايد بسبب عواملَ متصلة بالبشر، مثل صيد السمك والتغيّر المناخي؛ وأن أكثر من ثلاثة أرباع المياه الساحلية يعاني نتيجة التغيّر المناخي وتَزايُد تأثيرات النشاطات المؤْذية التي تجري في البر، ومنها التلوّث. وفي العموم، صنّف الباحثون أكثر من 40 بالمئة من المحيطات مناطقَ "متأثّرة بشدّة" من جراء النشاط البشري.
ويقول عالم الأحياء، "بِن هالبرن" -رئيس فريق البحث الذي جمع تلك البيانات- إن اللوم يقع بالأساس على التضخّم السكاني. وتوجد معظم المناطق الداكنة ضمن نصف الكرة الشمالي حيث يعيش نحو 90 بالمئة من البشر. ولكن التعداد السكّاني ليس وحده ما يؤثّر في الحياة البحرية؛ إذ يقول هالبرن: "إن حال جزء كبير من المحيط تزداد سوءاً، والتغيّر المناخي بالتحديد هو ما يُحدِث كثيراً من تلك التغيّرات". ومع ذلك، فالصورة الإجمالية للوضع ليست قاتمة تماماً. فقد شهدت بحار بعينها تقلّص التأثير البشري، كما هي حال مناطق من شمال الأطلسي -مثلاً- حيث تُبحر سفن كثيرة مقتصدة في استهلاك الوقود، وحيث تُطبَّق ضوابط بيئية جديدة. وفي عام 2016 حددت بعض الدول أكثر من 40 موقعاً جديداً لتوسيع نطاق المناطق البحرية المحميّة بأكثر من 3.6 مليون كيلومتر مربع، حتى تبقى بمأمن من الصيد التجاري والتنقيب عن مصادر الطاقة، وغيرها من النشاطات المؤذية.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز