يبني لها بيت الزوجية ويملأه حُباً ودفئاً؛ وتصدح لها حنجرته بلحن طويل يتدفق عشقا وغراماً. وما إن تثمر علاقتهما نسلاً فتتكون العائلة، حتى يتولى رعاية الصغار بنفسه. فَيَا له من ذكر تتمناه كل أنثى لتعاشره وتشاركه العيش في بيت واحد! وهذا نبأ سارّ في حد ذاته، إذ كلما زاد تكاثر ضفدع جنوب الكوربوري (المُسمَّى علمياً Pseudophryne corroboree)، زادت فرص إنقاذ هذا الضفدع الذي يعد أحد البرمائيات الأكثر شهرة في أستراليا وأكثرها عرضة للانقراض.
في بداية موسم التكاثر يستخدم الذكر -الذي لا يتجاوز حجمه 24.26 مليمتراً، ساقيه الخلفيتين لينحت من الطحالب حُجرة بالقرب من مصدر للمياه. ثم يستمر في إطلاق نداء صوتي يغازل الإناث ويغويهن.. إلى أن تدخل إحداهن إلى وكره. بعد ذلك، تضع الأنثى ما بين 15 و38 بيضة يقذف عليها الذكر حيواناته المنوية بطريقة مباشرة، ثم تذهب إلى حال سبيلها فيما يمكث هو لاستقبال إناث أخريات. وهكذا يستمر الذكر طيلة الموسم في الترحيب بزائراته الولهانات اللواتي يمكن أن يصل عددهن إلى عشر إناث، إذ يُخصّب مجموعات تلو مجموعات من البيوض، حتى إنه قد يُضطر أحياناً لبناء حُجرة أخرى إذا تدفقت عليه إناث كُثر وبيوض غزيرة. ويبقى الذكر بعدئذ في الوكر ستة أسابيع إلى ثمانية، حتى تغمرَ الوكرَ أمطارُ الخريف والشتاء التي تُشكل بِركاً تفقس فيها البيوض فتخرج الشراغيف إلى الحياة.
ولكن، عادةً ما يجفف القحط تلك البِرك قبل أن تتخذ الشراغيف شكل ضفدع الكوربوري. كما أن حرائق الغابات تلتهم مواطن عيشه الطبيعية؛ فيما الفطريات الكيتريدية (Chytrid fungus) -التي تصيب العديد من أنواع الضفادع- يمكن أن تقتله قبل بلوغه سن التناسل. ولعلّ هذه الآفات هي ما قلّص أعداد هذا الضفدع الأسترالي اليوم إلى حوالى 50 ضفدعاً في البرية. لكن ثمة أمل يتجسد في برامج استيلاد الكوربوري مثل تلك الجارية بحديقة حيوان ملبورن وحديقة حيوان تارونغا في سيدني، حيث وُضعت مئات البيوض في مناطق أوكاره خلال عام 2014، سعياً إلى استمراره في تشنيف آذان المعجبات بشدوه الفتّان في المستقبل. -باتريسيا إدموندز
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز