عرف الفراعنة "التوابل الذهبية" وعلى رأسها الزعفران، فكتبوا في بردياتهم عن فوائد استخداماته في إزالة انتفاخات الجهاز الهضمي ومنع المغص. واليوم، وبعد مرور ستة آلاف سنة على هذه الوصفات، بات أحد أحفاد الفراعنة قاب قوسين أو أدنى من اكتشاف أهم استخدامات هذه النبتة: منع نمو الخلايا السرطانية في الكبد والقولون ودفعها إلى التفكك والانهيار.
يقول الدكتور عمرو أمين -أستاذ "الخلية والبيولوجيا الجزيئية في قسمِ علوم الحياة بجامعة الإمارات"، ورئيس الفريق البحثي المتخصص الذي درس فعالية الزعفران بتمويل من مؤسستي "الجليلة" و"تيري فوكس"- إنه لاحظ أثناء تجارب مخبرية على مجموعتين من الفئران تم تحريض إصابتها بالسرطان، أن المجموعة التي تناولت عُصارة الزعفران لم تصب بأي أورام خبيثة في الكبد أو القولون على عكس المجموعة الثانية. ويوضح أمين: "لقد كان للعُصارة الزعفرانية تأثير مذهل في الخلايا السرطانية، إذ أعاق انقسامها وبالتالي تكاثرها، ودفعها إلى مصيرها المحتوم". وقد عكف أمين وفريقه سنوات على دراسة أي من الجزيئات الأحيائية الـ150 الموجودة في الزعفران، تمتلك التأثير القاتل على خلايا السرطان، ليجدها في نهاية المطاف داخل مركّب "كروسين" (Crocin) وهو جزيء نشط مسؤول عن منح الزعفران لونه الأرجواني المميز. ويقول عن ذلك: "اكتشفنا أن كروسين يساعد في تثبيط اثنين من أنزيمات السرطان الكبدية المتورطة بشكل رئيس في نمو الخلايا الخبيثة لدى البشر".
ويأمل أمين أن تتوصل التجارب السريرية إلى اكتشاف مقاربات علاجية مُثلى للبشر عن طريق إدخال كروسين في النسق الدوائي. وهو على يقين أن هذا "الجُزيء الذهبي" يمتلك إمكانات كبيرة لتطوير علاجات مستقبلية آمنة، خصوصاً لجهة تقليص الآثار الجانبية المرهقة والتي تصيب مرضى السرطان بانتكاسات. وحتى ذلك الحين ينصح أمين بإدخال الزعفران ضمن قائمة طعامنا، ولسان حاله يقول "درهمُ وقاية، خيرٌ من قنطار علاج". -محمد طاهر
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز