"تفاحة في اليوم تغنيك عن زيارة الطبيب"، مقولة شهيرة من الأمثال الشعبية، لكن حبذا لو كانت التغذية محصورة في بساطة هذه المقولة. ففي الواقع، ما انفك علماء التغذية يمحِّصون الخصائص الصحية للأطعمة؛ إذ يقول الطبيب "مايكل رويزن" -كبير المسؤولين عن قسم برامج الصحة في "مايو كلينيك"- إن كل ما ورد في هاتين الصفحتين إضافة إلى زيت الزيتون والشاي، كان موضوع أكثر من عشرين دراسة على مدى السنوات الخمسة والعشرين الماضية. فما السبب وراء ذلك؟ يجيب رويزن قائلا: "إما لأن لها منافع لم تكن متوقعة، وإما لأنها تُستهلك على نطاق واسع مع احتمال أن ينطوي ذلك على مخاطر".
وقد ذاع صيت بعض الأطعمة -كالرمان والفستق في الولايات المتحدة- في مجال التغذية لأن إحدى الشركات الكبرى، التي تهيمن على إنتاج ومبيعات هاتين المادتين، تمول جزءاً كبيراً من الأبحاث. لكن الدراسات التي تحظى بالدعم المالي قد تؤثر على مجال العلم إلى حد التضليل، على حد قول رويزن. فمجلس الألبان الوطني الأميركي على سبيل المثال، "يملك ذراعاً تسويقية قوية" تمكّنه من الترويج على نطاق واسع للجوانب المغذّية حقاً في الحليب والزبادي والأجبان ومنتجات أخرى. لكن بعض منتجات الألبان يحتوي على مركب يُدعى "ليسيثين" ساد الاعتقاد لمدة طويلة بخاصيته المفيدة، والحال أنه يتفاعل مع البكتيريا الموجودة في الأمعاء لينتج مركباً مضراً يسمى "ثُلاثي ميثيل أمين" يسبب الالتهاب ويمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالمرض. ويحتوي صفار البيض أيضاً على مركب "ليسيثين"، لذلك ينصح رويزن باستهلاكه في أدنى الحدود.
والأطعمة التي خضعت لدراسات كثيرة، ليست بالضرورة ما يتعين على المرء استهلاكه. إذ يقترح رويزن تجنب تناول أطعمة تم تقليل نسبة الكربوهيدرات فيها مثل الزبدة والجبن وأنواع لحوم بعينها. ذلك أن لحوم الأبقار التي تتغذى على العشب (الذي يبدو صحياً) تحتوي على مادة "كارنيتين" التي تنتج بدورها عنصر "ثُلاثي ميثيل أمين". "فالبروتينات المستمدة من الحيوانات لا تتغير سواء كانت تتغذى على العشب أو على الحبوب" حسب رويزن. كذلك، لا يخفف رشُّ الطعام بكمية وافرة من زيت الزيتون البكر الخالص (وهو مادة حظيت بقدر كبير من الدراسة) من التأثيرات السلبية للحوم والألبان إلا بمستويات ضعيفة. وإذا كان استهلاك الكحول مضر بالصحة، فإن زيت الزيتون يحوي نسبة كبيرة من السعرات الحرارية.
ويظل الحل الأفضل -حسب رويزن- هو تلمس سبيل العلم لا الانصياع لشهوة الأكل. فعلى المرء أن يتناول الخضراوات، وأن يتجنب اللحوم لمصلحة السلمون أو السلمون المرقط البحري اللذان يتمتعان بنسبة من زيت السمك، تفوق من حيث الجودة، نظيرتها لدى أغلب الأنواع الأخرى التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، كما يحتويان أيضاً نسبة منخفضة من الزئبق. ويمكن للمرء كذلك أن يشرب القهوة السوداء (فقد تكون مفيدة للكبد) أو أن يتناول وجبة خفيفة من المكسرات من دون أن يبالغ في ذلك. أما كتحلية، فيمكن للمرء أن يكتفي بقضمة شوكولاته داكنة.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز