عينَاه مناسِبتان على نحوٍ مثاليّ لمساعدته في العيش بتكاثر وازدهار. أما أعضاؤه التناسلية، فلا يبدو أنها بالمستوى نفسه من المثالية لتحقيق ذلك الغرض.
يتعلــق الأمــر بسمــك يشــتهر باســم "ربــاعي الأعيـــن"، ويســمى عِلميــاً "أنابليــبس أنابلــيبس" (Anableps anableps)؛ علماً أنه لا يمتلك في الواقع سوى عينين اثنتين. لكنهما تبدوان كما لو أنهما أربع أعين، إذ يوجد شريطٌ أفقي من الأنسجة يشطر كلاً منهما إلى فصَّين، لكل فَصّ حدقته ورؤيته. وعندما يسبح هذا السمك على مقربة من سطح الماء -كما هي عادته- فإن بإمكانه أن يرى بوضوح ما فوق الماء وما تحته في الوقت نفسه.
يقول "إريك كــالن"، القيّم المســاعد بقسم الكائنات المائية لدى حديقة حيوانات أوكلاهوما: "إنه لأمرٌ رائع جداً أن يكون هذا السمك قادراً على تمييز مخلوق مفترس فوق الماء وآخر تحته في الوقت نفسه، وعلى تحليل تلك المشاهد في دماغه لاتخاذ قرار بشأن الوِجهة التي يفرّ إليها". ويضيف كالن أن هذه الميزة لا شك تمنح هذا النوع من السمك أفضلية تطوريّة.
لكن تلك السمة ليست الميزة التشريحية الوحيدة النادرة التي يتمتع بها "أنابليبس أنابليبس". فالفتحة التناسلية لدى إناثه والعضو التناسلي لدى ذكوره (وهو زعنفة ذات شكل أنبوبي تدعى الزعنفة الشرجية) يوجدان في الشق الأيمن لدى بعض الأسماك وفي الأيسر لدى بعضها الآخر. ويعني ذلك أن الذكور "اليمينية" مهيأة للتزاوج حصراً مع الإناث "اليسارية"، والعكس صحيح؛ ما يُقلّص فرص العثور على أزواج مناسبة إلى النصف. "لا أرى أي فائدة في تلك السمة"، يقول كالن.
وقف كالن عند حوض السمك رباعي الأعين لدى حديقة الحيوانات حيث يعمل، ثم قال: "يحدث صخب كثير هنا عندما يبدأ موسم تزاوج السمك". ويسهر الموظفون على مراقبة الأسماك ليحددوا "أي الذكور لديها أعضاء منتصبة نحو اليسار وأيها نحو اليمين، ومن يتزاوج مع من!" على حد تعبير كالن. ولطالما رأى هذا الأخير سمكاً ذكراً "يعمل بجهد جهيد ليعيد عضوه إلى الوجهة الصحيحة" التي تتناسب مع الفتحة التناسلية لشريكته؛ "لكني لست متأكداً أنها عملية ناجحة"، يضيف كالن. بيد أن النتيجة قد تتّضح خلال 12 أسبوعاً تقريباً، وهي فترة الحمل الاعتيادية لدى هذا النوع.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز