يقول محبو هذا الفن الغامض، الذي يرجع تاريخه إلى 600 عام، أن أوراق التاروت تتكهن برحلة وشيكة إلى ميلانو.
دأب "أوسفالدو مينيغادزي"، البالغ من العمر 89 عامًا، على ابتكار أشكال من أوراق التاروت الكلاسيكية (المستخدَمة في قراءة الطالع) منذ سبعينيات القرن الماضي، داخل ورشته الصغيرة في مدينة ميلانو. وتُصنع هذه الأوراق من أحد أنواع الورق المقوى وتلوَّن يدويًا؛ أما الوجوه المرسومة عليها فتبدو وكأنها تحدّق في الناظر إليها من أزمنة بعيدة. ومن بين مجموعات أوراق التاروت التي تغزو الأسواق بأعداد لا تحصى، تظل أوراق الفنان مينيغادزي -الذي تلقى تعليمًا رصينًا في مجال الفن- متفردة في أشكالها؛ ويرجع ذلك أساسًا إلى كونها تحمل لمسة شخصية. وقد سبق لمينيغادزي أن عبّر عن ذلك بقوله إن الأوراق تتحدث عن نفسها.
ومينيغادزي هو أحد الأسباب التي تحمل محبِّي التاروت -وأنا منهم- على القدوم إلى ميلانو. في منتصف القرن الخامس عشر، كلَّفت عائلتَا "فيسكونتي" و"سفورزا"، اللتان حكمتا ميلانو أكثر من قرنين، فنانًا محليًا يُدعى "بونيفاسيو بيمبو" بوضع صور على أوراق تاروت أُعدَّت لهما خصّيصًا. رُسمت أوراق تاروت فيسكونتي وسفورزا بأسلوب "التمبرا" ثم زُيِّنت بورق الذهب والفضة، وهي تشهد على موهبة بيمبو وعلى شغف العائلتين الشديد بالإنتاجات الفنية المصغَّرَة التي يمكن وضعها في الجيب. ويمكن مشاهدة 26 ورقة المتبقية من هذه المجموعة في "أكاديمية كرارا"، وهي أكاديمية للفنون الجميلة ومعرض فني في مدينة بيرغامو.
في مطلع القرن العشرين -بقاع بئر لدى "قلعة سفورزا" الرائعة ذات الأسوار المبنية من الطوب- اكتُشفت أوراق تاروت يرجع تاريخها إلى نحو عام 1500. ويحتضن "معرض بيناكوتيكا دي بريرا للفنون" القريب من وسط ميلانو، مجموعة أوراق تاروت "سولا بوسكا" التي تم إنجازها في عام 1491. وتُعد مجموعة سولا بوسكا التي كانت مصدر إلهام لمجموعة "رايدر-وايت-سميث" أول مجموعة معروفة وضعت رسومات توضيحية مفصلة على جميع أوراقها الـ78. وتتوافق هذه الأوراق المبتكَرة، التي تمثل برسوماتها عصر الفرسان والخدم وشعارات العوائل، مع لوحات التصوير الجصّي واللوحات الفنية التي كانت تميز الكنائس في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
لتتمكن من قرأة بقية المقال، قم بالاشتراك بالمحتوى المتميز