سعيًا وراء الصورة

شعرتُ بغبطة بالغة لمّا استلمتُ تكليفًا من ناشيونال جيوغرافيك لتصوير الحيوانات البرية في حواضر الولايات المتحدة. لكن، كانت ثمة مشكلة واحدة فحسب: كان علي إيجاد طريقة لتصوير الحيوانات البرية في أثناء تنقلها الليلي. لطالما حلمتُ بالخوض في مشروع تصوير طويل الأمد بشأن هذه المخلوقات "الحضرية" وأنا بعدُ طالب في الجامعة بمدينة سان فرنسيسكو، حينَ "تَم نهبي" من قِبَل حيوان راكون. فقد اعتدت التجوال في الشوارع بعد حلول الظلام، أصور المناظر المثيرة خافتة الإضاءة؛ وذات ليلة فُوجئت برؤية راكون يقف مثل إنسان قبل أن يركض نحوي ويُجبرني على التخلي عن كيس البطاطس المقرمشة. تمكنتُ من التقاط صورة للحظة التوتر التي سبقت ذلك الهجوم، وبعدها أخفقَت كل محاولاتي اللاحقة للتوثيق لسلوك الراكون، لكني كنت عازمًا على اكتشاف طريقة لتجاوز الصعاب يومًا ما.

بعد مُضي عشرين عامًا، سنحت لي الفرصة المثالية لفعل ذلك بالضبط. فصرتُ أُمضي شهورًا في الميدان موثِّقًا للحياة البرية في الحواضر. كان واجبي ضمن ذلك التكليف الصحافي التقاط صور للحياة الخفية للراكون والدب الأسود والقيوط -وهي حيوانات خبيرة في الاختباء والاقتيات على النفايات- بالعديد من مدن الولايات المتحدة. فقد تساعد هذه الصور في الإجابة عن أسئلة بشأن التأقلم، من قبيل: هل تصبح حيوانات المدينة، من خلال الصعوبات اليومية في إيجاد الطعام والمأوى، أكثر جرأة وتطورًا في البيئة التي صنعها الإنسان؟

هنالك ساعد "توم أوبراين"، مهندس التصوير لدى ناشيونال جيوغرافيك، في تجهيزي بعدّة كبيرة من الكاميرات الآلية المخفية المصمَّمة لهذا الغرض، تَضَمّن كل منها ثلاثة وامضات في عُلبٍ مقاومة للماء، وصندوق كاميرا مدرعًا، وكومة كابلات، وجهاز استشعار حركة بالأشعة تحت الحمراء؛ وتِلْكُم مُعدّات وجدتُها غير مألوفة ومعقدة، مع متغيرات لا حصر لها قد تسلك المسار الخاطئ بطرق شتى. إن ما اجتذبني في الأصل إلى التصوير الليلي في الحواضر هو كيفية تحول هذا المشهد: أضواء شوارع ومبان ذات ألوان مختلفة تلقي بظلال مثيرة للاهتمام وتميط اللثام عن أشياء لا يمكن ملاحظتها أثناء النهار. كنتُ بحاجة إلى تسخير القوة الغامضة لساعات ما بعد حلول الظلام، من أجل "تجميد" حركة الحيوانات وهي منهمكة في أعمالها الليلية في أوقات غير متوقعة. لذلك أصبحت الكاميرات الآلية أدواتي التي لا غنى عنها.  أمضيتُ أسابيع في شيكاغو أطارد حيوانات القيوط العديدة والمراوغة في المدينة. لم تزر تلك الحيوانات معظم كاميراتي على الإطلاق؛ وحتى عندما فعلَت، كانت الصور الملتقطة مشوهة بفعل تركيز خاطئ أو ومضة لم تنطلق أو عاصفة ثلجية تغطي العدسة. وفي المناسبات النادرة التي حصلتُ فيها على صورة واضحة، كانت في الغالب تُظهر مؤخرة قيوط بدلًا من وجهه. وعندما لاحظت الحيوانات وجود الكاميرات أو وَجِلت من وميضها، سرعان ما تعلمت الالتفاف عليها.

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية" أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab