تحيط المياه الزرقاء الزبرجدية بِـ "جزيرة سانتا روزا" التي تؤوي تموّجات خلّابة من الأخاديد والجبال والمنحدرات البحرية الشاهقة. ولكن ثمة ههنا أكثر مما تُدركه العين. فالقيمة الأثرية ما زالت ملازمة لهذه الجزيرة ذات الأجواء المعتدلة، هذا فضلًا عن كونها الجزيرة الثانية كبرًا لدى "منتزه جزر القناة الوطني" في كاليفورنيا.
أثناء الحفر في "أخدود أرلينغتون" على الجزيرة في عام 1959، اكتشف عالم الآثار "فيل أور" عظمتين بشريتين من عظام الفخذ التي يُشتبَه في أنها تعود إلى آلاف السنين وتحديدًا إلى أواخر عصر البليستوسين. غير أن هذا الاكتشاف وحده لم يكن فريدًا. أجرى أور أبحاثًا ميدانية على جزيرة سانتا روزا المعروفة برياحها العاصفة دامت أكثر من عقدين من الزمن. وخلال بعثاته الاستكشافية العديدة، نقّب في قرى بأكملها تعود لشعب "تشوماش" بالإضافة إلى العديد من المقابر والمخلفات الأخرى؛ كما نقّب عن العظام الكبيرة لحيوان الماموث القزم، الذي عاش في هذه المنطقة قبل 12 ألف سنة تقريبًا.
ولكن بعد زُهاء 40 عامًا على اكتشاف أور، قرر كل من "جون آر. جونسون"، خليفة أور في "متحف سانتا باربرا للتاريخ الطبيعي"، وعالم آثار المنتزه، "دون موريس"، أن عظام الفخذ البشرية كان عمرها أكثر من 13 ألف سنة؛ ما يجعلها واحدة من أقدم الرفات البشرية المعروفة في أميركا الشمالية. تدعم تلك العظام المكتشفة، والتي أُطلق عليها "إنسان أرلينغتون سبرينغز"، نظرية الهجرة الساحلية التي قامت بها الشعوب الأولى من شمال شرق آسيا إلى الأميركيتين على متن قوارب تجديف سلكت "طريق كيلب السريعة" شمال غرب المحيط الهادي. طرح هذا الاكتشاف أسئلة أكثر مما قدم إجابات، لكن علماء التشوماش والتاريخ الشفوي يساعدون في إلقاء الضوء على معنى هذا الكشف المهم. وتعتقد "جولي تومامايت-ستينسلي"، الرئيسة السابقة لدى "عُصبة باربارينيو/ فينتورينيو" التابعة لـ "البعثة الهندية" المكونة من عائلات تشوماش من مقاطعتَي سانتا باربرا وفينتورا، أنه من الأرجح أن يكون هناك رفات أسلاف أقدم من "إنسان أرلينغتون سبرينغز" على هذه الجزر، ولكن لم تُكتشَف حتى الآن. هؤلاء الأقارب كانوا من صناع القوارب والعارفين بالفلك والصيادين المهرة الذين بنوا قرى مزدهرة، تحت إشراف قادة من الذكور والإناث في مجتمع أمومي. ويمكن رؤية صورهم المرسومة اليوم في أماكن مثل "منتزه تشوماش بينتيد كيف التاريخي" التابع للولاية غير بعيد عن مدينة سانتا باربرا.
في سانتا روزا (وكانت تسمى "ويما" لدى شعب تشوماش)، هناك ما لا يقل عن ثمانية مواقع أثرية معروفة لقرى تشوماش. وفي الأغلب غمرت المياه العديد من المواقع الأخرى عندما ارتفعت مستويات سطح البحر وقسّمت جزيرة سانتا روزي الضخمة إلى جزر القناة الشمالية الأربع. وقد كشفت المخلفات التي تم استخراجها في الجزيرة عن مواقع لمقذوفات حجرية وصنانير لصيد السمك وخرز وبقايا حيوانات. وضمن مخلفات أخرى في "جزيرة سانتا كروز" المجاورة، يقول عالم الأنثروبولوجيا "براين هولغوين"، وهو من قبيلة "سامالا تشوماش"، إنه استخرج عُشبًا بحريا عمره مئات السنين، ظل محفوظًا جيدًا بفضل الظروف السائدة في الجزر إلى درجة أنه ما يزال يحتفظ بلونه الأخضر. في منتزه جزر القناة الوطني، الذي أُسس في عام 1980، تُلقي تومامايت-ستينسلي دروسًا للزوار -وهي جالسة لدى نيران المخيمات الصيفية- عن ثقافة شعب تشوماش. غالبًا ما تروي قصة "جسر قوس قزح"، حيث نشأ الأجداد في جزيرة سانتا كروز (ليمو) قبل عبورهم إلى البر الرئيس على جسر علوي متعدد الألوان.
تَعرض كاتبةٌ مصابة بعمى الوجوه تأملاتها بشأن التنقل وسط عالم مليء بالغرباء الودودين.
قبل أكثر من 5000 سنة، شرع الصناع الحِرَفيون في جزر "سيكلادس" اليونانية في نحت تماثيل رخامية صغيرة لنساء عاريات بأذرع مطوية وشعر مجعد وعيون محدقة واسعة.