لنـا أن نجهـر بهـذه الحقائـق

نشأت "نيكول هانا جونز" بمدينة واترلو في ولاية آيوا الأميركية، حيث لا تزال تعيش معظم عائلتها. عندما كان عمرها 11 عامًا، كتبت رسالة إلى محرر الصحيفة المحلية عن الانتخابات التمهيدية الرئاسية. في عام 2017، حصلت على زمالة "مؤسسة ماك آرثر" المعروفة باسم "منحة العبقرية"، نظير اشتغالها على موضوع عدم المساواة في مجال التعليم. وزادت علاقتها الوطيدة مع مجتمعها المحلي من حماسها لمشاركة معرفتها العميقة بماضي أميركا وحاضرها، واللذين يضعان استعباد الأفارقة في قلب القصة الأميركية.
لتخليد الذكرى السنوية الـ 400 لبداية الرق في ما أصبح الولايات المتحدة، أنجزت هانا جونز تقريرًا صحافيًا موسَّعًا تناول بالدراسة والتحليل عام 1619، وهو العام الذي حلّ فيه أول الأفارقة المستعبَدين بشواطئ مستعمرة فرجينيا البريطانية حيث بِيعوا للمستوطنين. ويهدف "مشروع 1619"، الذي نشرته مجلة "نيويورك تايمز" في عام 2019، إلى إعادة صياغة تاريخ الولايات المتحدة من خلال استكشاف تركة الرق.. وكذا عبر الجهر بأن الرق هو الأساس الذي بُنيت عليه هذه الدولة. لاقى المشروع ثناءً وكذا انتقادًا من لدن المؤرخين والقادة السياسيين، وأثار نقاشًا وطنيًا.

أسست هانا جونز، التي تُدرِّس حاليًا في "جامعة هوارد"، "مركز الصحافة والديمقراطية" التابع للجامعة نفسها، حيث يُمْكن للطلاب التعمقَ أكثر فأكثر في الحقائق التاريخية. قالت خلال مقابلة لدى منصة (Overheard)، النشرة الصوتية لناشيونال جيوغرافيك: "عالمنا صغير جدًا حين يتعلق الأمر بالسُّود. لا نعرف حتى أن هناك كل هذا التاريخ الذي يمكننا تعلمه، لأننا نظن أنه لو كان موجودًا فعلًا لَتَلقيناه من هذا الشخص أو ذاك أو لَجسّدته الأفلام أو عكسته مآثارنا ونُصُبنا التذكارية".

تم اختصار هذه المقابلة وتنقيحها لغرض الوضوح.

هل يمكنك التحدث عن مسار تطور فكرتك من التحقيق الصحافي الموسّع لدى مجلة "نيويورك تايمز" إلى الكتاب، والآن إلى الفيلم الوثائقي الرائع متعدد الأجزاء؟
لقد شكّل ذلك -ولا يزال- رحلة جنونية ومدهشة، بل في الواقع رحلة ملهمة لي. عندما بلورتُ فكرة "مشروع 1619" أول مرة، كانت خطّتي تقتصر على أخذ حيّز من أحد أعداد تلك المجلة وتكريسه للنبش في تركة الرق المعاصرة. ومن رحم تلك الفكرة، وُلد قسم كامل نُشِر في الصحيفة وكذا في المجلة، وسلسلة نشرات صوتية سردية من ستة أجزاء. وما إنْ وصلت هذه المواد إلى الجمهور، لقيَت تجاوبًا من لدن العديد من الأشخاص الذين قالوا: "لم نكن نعرف قَط هذا التاريخ".

قبلها، لم يَسبق أن دُفعتُ للتفكّر في الطريقة التي تجعل من الرق حجر الزاوية في تشكيل المجتمع الأميركي المعاصر.. وهذا حقًّا ما يناقشه المشروع. إنه لا يخاطبك بالقول: "دعنا نخبرك بتاريخٍ حدَث قبل زمن بعيد"، بل "دعنا نعلمك كيف أن ذلك الرق وتركته يشكلان أميركا اليوم بطرق لا نعرفها". لقد فكرتُ كثيرًا في أفراد عائلتي المقيمين هناك في مَوطني واترلو والذين يريدون هذه المعلومات. ولكن، كما تعلمون، من الصعب إتمام قراءة مقالات من 10 آلاف كلمة؛ ولذا فإن التطور الذي شهده المشروع سهّل الأمر على الأشخاص العاديين الذين أرغب في إيصال رسالتي إليهم.

فلقد كنا نودّ لو كان لدينا حيّزًا أكبر وزمن أكثر لإسماع مزيد من الأصوات. وقد تمكّنا حقًّا من فعل ذلك من خلال الكتاب؛ بل انتهى بنا الأمر إلى تأليف كتابين اثنين.
وحتى قبل صدور الكتاب، تلقينا اتصالات من أستوديوهات تقول: "نريد تطوير 'مشروع 1619' إلى مجموعة مشاريع متنوعة". وأول عرض لذلك، وكان الأكثر طبيعية، هو السلسلة الوثائقية لمشروع 1619.

هل كان هناك في تفاعل الجمهور ما جعلك تقولين: "أرى أنه ينبغي لي إعادة النظر في هذا الجزء"؟
مقالتي الأصلية في المشروع كانت عن الديمقراطية. وحقًّا، لقد كنتُ متحمسةً جدًا لتمكني من مراجعتها، في الغالب بسبب كل الانتقادات والهجمات التي انهالت على المقالة؛ وعلى وجه الخصوص تلك التي وُجِّهت للطرح الذي تقدمت به عن الثورة الأميركية، والقائل إنه في المستعمرات الجنوبية، أدى الرق دورًا رئيسًا في قرار المستعمرين البِيض الانضمام إلى جهود الثورة.

على الرغم من أن ذلك الطرح بشأن الثورة الأميركية أصبح مثار توتر، إلا أنه شكّل لدي مجرد حقيقة واحدة صغيرة في مقالة انطلقتُ في سردها من عام 1619 إلى الوقت الحاضر. لذلك إذا قرأتم المقالة المنقَّحة في الكتاب، فسترون أنني أنفق آلاف الكلمات في تِبيان دور الرق في الثورة. والرائع في ذلك هو أنني قمت بالرد بحسن نية على الانتقادات التي وُجِّهت بحسن نية. كما استطعتُ الرد على الانتقادات التي شعرتُ أنها صدرت بسوء نية.

اقرأ التفاصيل الكاملة في النسخة الورقية من مجلة "ناشيونال جيوغرافيك العربية"
أو عبر النسخة الرقمية من خلال الرابط التالي: https://linktr.ee/natgeomagarab